ولم يعط أحد من المؤرخين تحديدا لعدد الرجال الذين رابطوا (من غطفان وبني أسد) إلي جانب اليهہود في حصونهہم أول الأمر، إلا أن الاحتمال قوى بأن عددهم لا يقل عن ألف مقاتل، وبهذا يكون عدد القوات التي تحصنت داخل قلاع خيبر لمواجهة المسلمين لا يقل عن أحد عشر ألفًا. . على ألف وأربعمائة مقاتل من المسلمين (فقط) أن يهاجموهم.
إنها مهمة شاقة وعسيرة على المسلمين أن يقوموا بها، وتغلب هذه القلة من المسلمين المكشوفين في العراء على تلك الكثرة الهائلة المتحصنة خلف أسوار تلك القلاع المنيعة هو نوع من المعجزات إن صح هذا التعبير.
[رفض بني مرة أن ينجدوا اليهود]
وإذا كانت قبائل غطفان وبنى أسد قد استجابت لنداء عهود خيبر فأرسلت بتلك القوات من أبنائها لنجدتهم بقيادة سيدين من كبار ساداتهم (عيينة بن حصن وطليحة بن خويلد) فإن قبيلة بني مرة (التي كانت أحد الأجنحة الأربعة في القوات النجدية المحالفة لليهود التي شاركتهم في غزو المدينة عام الأحزاب) هذه القبيلة النجدية رفضت الاستجابة لنداء اليہهود فلم ترسل إليہهم ولا برجل واحد وذلك اتباعًا لنصيحة سيدها الحارث بن عوف المرّى الذي نصحها بأن لا تتورط في مساندة اليهود في خيبر كما تورطت في الاستجابة لوساوسهم حين شاركت في الحلف اليهودي الوثني الذي شُنَّ على المسلمين في حملة الأحزاب الخاسرة الشهيرة.
فقد أدرك هذا السيد المرِّي برجاحة عقله (على ضوء ما لديه من معلومات مصدرها أحبار اليهود أنفسهم) أن اليهود - عندما يهاجمهم المسلمون - سيخوضون معركة خاسرة، وإنه - لذلك - يرى أنه من العبث تقديم رقاب بني مرَّة للموت في معركة نهايتها معروفة، وهي انهزام اليهود وانتصار المسلمين، وذلك الذي جعله يمنع بني مرة من نجدة اليهود.
[الحارث بن عوف ينصح عيينة بن حصن]
ولم يكتف سيد بني مرّة بإقناع قومه بعدم التورط في مساندة يهود