للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ألسنا بالمسلمين وأليسوا بالمشركين؟]

فقد قال عمر بن الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - معارضًا الاتفاقية - يا رسول الله، ألست برسول الله؟ قال: بلى! قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى، قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نُعْطى الدنيَّة في ديننا؟ . فردّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على استجوابات ابن الخطاب الشديدة، ردّ عليه فقال له: (في يقين النبيِّ وحلم السيد وحكمة القائد) أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره، ولن يضيعني (١).

ويظهر أن غضب ابن الخطاب ومعارضته للاتفاقية وقوة اعتقاده الغبن فيها، كانت أشدّ من أن تترك له الفرصة ليتفَّهم ما قاله له النبي - صلى الله عليه وسلم - ردًّا على استجواباته، فذهب الفاروق - وهو على ذلك المستوى من الانفعال - إلى وزير النبيّ الأكبر أبي بكر الصدِّيق، فاحتجَّ لديه وأبلغه معارضته للاتفاقية التي وصفها بأنَّها تشتمل على الدنيَّة للمسلمين، فقال: يا أبا بكر، أليس برسول الله؟ قال: بلى، قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى، قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنيَّة في ديننا؟ فقال أبو بكر - ناصحًا الفاروق بأن يترك الاحتجاج والمعارضة -: الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول الله، وأن الحق ما أُمر به، ولن نخالف أمر الله ولن يضيّعه الله (٢).


(١) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٣٤.
(٢) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٣٤ وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣١٦ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٦٠٦، وفي تاريخ الطبري (وهو الأنسب)، أن عمر بدأ في احتجاجه بأبي بكر الصديق، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>