للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنورة.

ولا شك أن وقوع العاصمة المقدَّسة تحت سيطرة المسلمين كان بداية النهاية للوجود الوثنى لا في مكة وحدها بل في جميع الأقاليم التي بقى فيها سلطان للشرك والوثنية. لأن مكة كانت عاصمة للشرك والوثنية. لا بالنسبة لقريش وحدها بل للعرب أجمعين على اختلافهم في تنويع الآلهة، حيث يوجد لكل فئة من العرب صنمهم الخاص بهم حول الكعبة.

ولهذا كان وقوع العاصمة المقدسة مكة في أيدى المسلمين ذا أثر شديد على نفوس من تبقى على الشرك والوثنية الأمر الذي حدا بالأقوياء (عسكريًا منهم) مثل قبائل هوازن أن تخشد الجيوش لانتزاع مكة من أيدى المسلمين وإعادتها إلى سلطان الشرك والوثنية، الأمر الذي بسببه نشبت معركة حنين الحاسمة كما سيأتي تفصيله (إن شاء الله) في كتابنا التاسع من هذه السلسلة وهو التالي لهذا الكتاب، والذي سيصدر (بإذن الله) تحت اسم (غَزْوة حنين)؟

[محمد أشرف فاتح وأكرم محارب]

لقد كان القرشيون - وهم يلقون السلاح ويعتصمون بمنازلهم أو المسجد ويخلون الشوارع ليروا جيش محمد المنتصر يسيطر على العاصمة المقدسة - يظنون أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من ذلك الطراز المتوحش المتعطش إلى الدماء من الفاتحين، الذين تعبث بهم نشوة الانتصار، فتدفع بهم إلى إحداث المجازر الرهيبة بين خصومهم المهزومين. فلا تهدأ نفوسهم ولا تقر إلا بعد أن يروا الجثث مبعثرة في الشوارع ومدلاة على أعواد المشانق.

ولدى القرشيين ما يجعل هذا الظن قويًّا في نفوسهم، لا سيما وأنهم ما زالوا يقيسون الأمور بمقياسهم المبنى على التفكير الجاهلى العصبى الوثني حيث الثأر والانتقام للنفس هما دائمًا السبب والمحرك الوحيد لأى حرب يخوضون غمارها.

وعندما تراجع قريش صفحات الماضي، تجدها (وعبر عشرين سنة)

<<  <  ج: ص:  >  >>