للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثقلة بالأوزار والآثام التي ارتكبها في حق هذا الرجل الذي سيطرت قواته عى مكة، وأصبح مصير كل أهلها بيده، وأعظم جريمة منكرة ارتكبتها قريش في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي محاولتها اغتياله على فراشه وهو بين ظهرانيها قبل ثمان سنوات.

لهذا كان سادات مكة يتوقعون أن الحساب سيكون من الرسول الفاتح المنتصر حسابًا عسيرًا والانتقام انتقامًا شديدًا ولهذا فر الكثير من ساداتهم وهربوا من مكة، حتى الذين لم يصدر الأمر من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبصفة استثنائية - بإعدامهم قصاصًا.

غير أن تصرفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت "وقبل أن يدخل مكة فاتحًا" تدل على أنه أبعد ما يكون عن الرغبة في الانتقام والإنتصار للنفس، وأنه أشد ما يكون حرصًا على أن لا تراق قطرة دم واحدة في مكة من أي إنسان كان مسلمًا كان أم كافرًا. اللهم إلا الذين يقضى قانون الإِسلام بإعدامهم. لذلك رحب - صلى الله عليه وسلم - بمساعى عمه العباس بن عبد المطلب والتي انتهت بإصدار الرسول القائد "وهو الظافر المنتصر" عفوًا عامًا عن جميع مشركى مكة قبل أن يدخلها إن هم ألقوا السلاح وكفوا عن المقاومة. فأثبت بذلك للقرشيين - وقبل أن يدخل مدينتهم - أن الانتقام لنفسه منهم لم يكن له وجود في تفكيره، رغم الأهوال التي عاناها على أيديهم ظلمًا وبغيًا وعدوانًا طوال ثمان سنوات عندما كان بين ظهرانيهم ضعيف الركن قليل الأنصار.

فبرهن على أنه أشرف محارب وأكرم منتصر عرفه التاريخ.

لقد كان الأمان الذي حمله مفاوض قريش أبو سفيان بن حرب من الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - لأهل مكة جميعًا والذي تبلغه كافة أهل مكة قبل أن يدخلها الجيش النبوي، كان هذا الأمان كافيًا لأن يطمئن النفوس القلقة في مكة، وكل نفوس أهل مكة قلقة، مما يتصورون أنه سيحل بهم على يد الجيش الإِسلامي عندما يسيطر على مكة.

ولكن الخوف ظل يساور نفوس أهل مكة رغم إعلان أبي سفيان أن الجيش النبوي بأمر من الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - قد أمر جيشه بأن لا يتعرض لأحد من أهل مكة، وأنهم جميعًا آمنون إلَّا من حمل السلاح وقاتل

<<  <  ج: ص:  >  >>