ويلاحظ هنا أن الأعضاء اليهود في هذا الوفد كلهم من يهود بني النضير (إذا استثنينا) هوذة بن قيس الوائلى وهو (على ما يظهر) وكما يدل اسمه عربي دان باليهودية. . وهذا مما يؤكد الرأي الذي ذهبنا إليه فيما مضى وهو أن يهود بني النضير قد بسطوا سيطرتہهم الكاملة علي يہهود خيبر، وصاروا (منذ وصولهم إليهہامن منفاهم) سادتها الفعليين يديرون أهلها كما يريدون.
أما أبو عامر الراهب (كما يسميه أتباعه) و (الفاسق) كما يسميه المسلمون، فهو العربي الوثنى الوحيد في هذا الوفد. . وكان أبو عامر هذا قد لجأ إلى اليهود في خيبر بعد فشل الحملة التي قامت بها قريش والتي كانت نتيجتها معركة أحد التاريخية التي قاتل فيها أبو عامر هذا إلى جانب قريش ضد المسلمين بالرغم من أنه من الأوس ومن سكان المدينة العرب.
[نجاح وفد العدوان في مهمته]
وقد خرج وفد اليهود من خيبر لأداء مهمته الموكولة إليه بعد مرور حوالي أربعة أشهر فقط على نفى عهود بني النضير من المدينة إلى خيبر.
وقد اتجه وفد خيبر أول ما اتجه إلى مكة ثم إلى نجد بالرغم من أن قريشًا تأتى من ناحية القوة العسكرية في المرتبة الثانية بعد القبائل النجدية إلا أن قريشًا كانت لها الصدارة في ميدان العداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم - والحقد على الإسلام. وسبق لها أن خاضت ضد الإسلام أعنف المعارك في بدر وأحد.
لهذا (وبالرغم من أن منازل القبائل النجدية الوثنية الداخلة ضمن نطاق مشروع التحريض على المسلمين) أقرب بكثير إلى منطقة خيبر، مقر اليهود الرئيسى ووكر التآمر ومصدر الإعداد والتخطيط لغزو المسلمين، فقد فضل وفد خيبر أن يتصل (أولًا) بزعماء قريش في مكة لإطلاعهم على مشروع اليهود العدوانى الذي أعدوه لغزو المسلمين في المدينة.
وقد استقبل مشركو مكة وفد يهود خيبر أحسن استقبال واحتفلوا بهم غاية الاحتفال، وخاصة بعد أن عرف سادات مكة أن الدافع لمجئ وفد يهود خيبر إلى مكة هو السعي للإطاحة بالمسلمين وإطفاء شعلة الدعوة الإسلامية إلى الأبد.