للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان]

لقد مضى على المسلمين في سهل الحديبية حوالي عشرين يومًا وهم محصورون ممنوعون من دخول الحرم.

وكانوا طيلة هذه الأَيام مُحرمين، لا يقلّمون ظفرًا ولا يقطعون شعرًا ولا يمسّون طيبًا، ولا يقربون إمرأَة، قد شعث واتَّسخ شعرهم وقمل بعضهم، لطول بقائهم محرِمين، ولا يخفى ما في طول المكث بالإحرام من مشقة نفسية وجسدية على المحرم.

ولا شك أن صحة الكثير منهم باتت معرّضة للخطر، نتيجة هذا الحبس والإِحصار الذي لا مبرّر له، والذي نالهم بسبب تهديد قريش باستخدام السلاح ضد المسلمين والدخول معهم في حرب ضروس إن اجتہازوا حدود الحرم ... حرب ما كان مخفف آلام البشرية ومنقذ الإنسانية والداعية الأَول المسلم والمحبة والسلام، راغبًا فيها بل حريصًا كل الحرص على تجنبّها، ولذلك لم تكن واردة ضمن برنامجه منذ تحرّك في رحلته الروحية السلمية من المدينة، والتي كان شعارها الوحيد: (إننا لم نأْتِ لقتال أَحد إِنما جئنا لنطوف بهذا البيت) (١).

لقد بذل النبي صلى الله عليه وسلم - بروحه السمحة العالية المحبة للسلام - والكارهة للحرب - بذل كل ما وسعه لإِحلال السلام بينه وبين قومه وعشيرته، وإبعاد شبح الحرب البغيض التي بدا واضحًا أن كبرياءَ سفهاء قريش الوثنية تتوق إلى إشعال نيرانها، ظنًّا من هؤلاء السفهاءِ أَنهم بخوضهم هذه الحرب ضد المسلمين بالقرب من مكة قد يستعيدون


(١) كلمة يردد النبي - صلى الله عليه وسلم - مقناها في كل مناسبة وهو في رحلته السليمة هذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>