للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مصير غنائم بني النضير]

ومن الجدير بالذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقسم غنائم يهود بنى النضير كما تقسم غنائم الحرب على المقاتلين المسلمين كما هو المتبع، وإنما قسم هذه الغنائم على المهاجرين دون الأنصار، وذلك بعد استشارة الأنصار وأخذ موافقتهم على ذلك.

فقد جمع الأنصار ووقف فيهم خطيبًا قائلًا .. إن إخوانكم المهاجرين ليس لهم أموال، فإن شئتم قسمت هذه الأموال (يعني ما ترك بنو النضير) التي أفاء الله عليّ وخصنى بها مع أموالكم بينكم جميعًا، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وقسمت فيهم هذه خاصة، فقالوا .. بل أقسم هذه فيهم وأقسم لهم من أموالنا ما شئت (١) فسرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لموافقة الأنصار على طلبه واغتبط بتلك الروح الكريمة التي أظهروها نحو إخوانهم من المهاجرين حتى أنه (عليه الصلاة والسلام) قال: اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار. وفي موقف الأنصار المشرف هذا، أنزل الله تعالى (ممتدحًا فعلهم الحميد هذا) قوله جل وعلا: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٢).

ولم يعط النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا من الأنصار شيئًا من غنائم يهود بنى النضير إلا رجلين (كانا محتاجين) وهما سهل بن حنيف وأبو دجانة سماك بن خرشة (٣) وكانا من أبطال معركة أُحد الذين ثبتوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة انهزام المسلمين، وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - سيف سيد بنى


(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٦٠.
(٢) الحشر ٩.
(٣) أبو دجانة وسهل بن حنيف انظر ترجمتها في كتابنا (غزوة أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>