حصن الصعب بغية اقتحامه فطارد اليهود حتى أدخلهم حصنهم الذي أغلقوا أبوابه.
ولكنه لقى من اليهود مقاومة عنيدة حالت بينه وبين اقتحام الحصن، فقد اقترب المسلمون من أسوار الحصن في هجوهم، ولكن اليهود أطلقوا عليهم سيولًا جارفة من سهامهم، كما قذفوهم من أسوار الحصن قذفًا شديدًا بالحجارة التي أعدُّوها لمثل ذلك الموقف .. فتراجع المسلمون عن الحصن أمام انهمار السهام والحجارة التي سلّطها عليهم المدافعون عن الحصن.
[الهجوم اليهودى المعاكس مرة أخرى]
واغتنم اليهود فرصة تباعد المسلمين المهاجمين عن أسوار الحصن فشنّوا في الحال على المسلمين هجومًا معاكسًا ثانيًا كان أعنف من الهجوم الأول، حيث فتحوا أبواب حصنهم وحملوا على المسلمين حملة منكرة، ولكن المسلمين هذه المرة ثبتوا مع قائدهم (الحباب) وقابلوا هجوم اليهود بهجوم مضادّ آخر، فدارت أمام الحصن معركة طاحنة استمات فيها الفريقان وقد سقط في هذا القتال من المسلمين عدد من القتلى، ولكن النصر كان في النهاية لهم حيث تمكنوا من صدّ هجوم اليهود، فدحروهم حتى ولوَّا منهزمين فدخلوا حصنهم وأغلقوا على أنفسهم الأبواب.
قال المقريزى في كتابه (إمتاع الأسماع ص ٣١٧): ولما أقام المسلمون على حصن الصعب يومين عدا بهم الحباب بن المنذر في اليوم الثالث ومعه الراية فقاتلهم أشد قتال، وبكّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتراموا بالنبل، وقد ترّس المسلمون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم حملت اليهود حملة منكرة، فانكشف المسلمون حتى انتهوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو واقف قد نزل عن فرسه ومدعم (١) يمسك الفرس، وثبت الحباب برايته يراميهم على فرسه.
فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس وحضّهم على الجهاد فأقبلوا حتى زحف بهم الحباب، واشتد الأمر فانهزمت اليهود وأغلقوا الحصن عليهم، ورموا على جدره بالحجارة رميًا كثيرًا، فتباعد عنهم المسلمون، ثم كرّوا