للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبة (١) شعر، فقال: يا رسول الله، أضرب بهذه، أي دعها لي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لك. فردها الرجل في المغنم. وجاء رجل آخر بحبل فقال: يا رسول الله هذا الحبل وجدته حيث انهزم العدو فاشدد به على رحلى؟ قال: نصيبي منه لك، كيف تصنع بأنصباء المسلمين؟ .

ووجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في برذعة (٢) رجل (حين نزل قبيلته) عقدًا من جزع غلولا، فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر عليهم كما يكبر على الميت (٣).

[قسمة غنائم حنين بين الجيش]

وبعد أن استقر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجعرانة بالقرب من مكة (وحيث توجد الغنائم والسبى) أمر - صلى الله عليه وسلم - أحد كبار الأنصار وهو زيد بن ثابت (٤) بإحصاء الغنائم ثم إعطاء كل جندى ما يستحق حسب تعاليم الشريعة في الغنائم. فقام زيد بإحصاء الغنم، ثم قسمها على الجند، فكانت سهامهم، لكل رجل أربع من الإبل أو أربعون شاة. هذا بالنسبة للمشاة، أما الفرسان فقد كان نصيب كل فارس من الغنيمة اثنتى عشرة من الإبل أو عشرون ومائة شاة، وتلك قوانين التوزيع على المحاربين في شرعة الإسلام، لأن للجندى غير الفارس سهم واحد. أما الفارس، فله ثلاثة أسهم، سهم له كجندى وسهمان لفرسه. والإِسلام بهذا يأخذ بعين الاعتبار الفارق الكبير بين المشاة والفرسان. فالفارس أكثر تأثيرًا على العدو في الحرب من الجندى غير الفارس. فراكب الفرس المقاتل يشبه من وجوه كثيرة كقائد الدبابة التي هي ملكه. وهو دونما شك أعظم نكاية في العدو من الراجل الذي لا يملك فرسًا. أما من كان معه أكثر من فرس واحد فلم يسهم له الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الغنيمة. أي أنه لم يسهم إلا للفرس الذي قاتل عليه (٥).


(١) كبة الغزل ما جمع منه.
(٢) البرذعة: الحلس الذي يلقى تحت الرحل.
(٣) صحيح البخاري ج ٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٤ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩١٨ - ٩٤٢ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٣٤ - ١٣٥.
(٤) انظر ترجمة زيد بن ثابت في كتابنا (غزوة أحد).
(٥) انظر مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>