وقد بدأ الاستعراض العسكري أمام زعيم قريش أبي سفيان في الصباح الباكر حسب أمر الرسول القائد. وكان الاستعراض حسب التعبئة التي تمت في منطقة قُديد. فقد مرَّت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها أي أن الاستعراض كان (في جملته) على أساس قبلي، فقد مرت كل قبيلة في كامل هيئتها الحربية منفردة بشعارها الخاص وعلمها المميز.
[فرسان خالد أول من بدأ العرض العسكري]
وكان أول من افتتح العرض العسكري أمام أبي سفيان القائد خالد بن الوليد، قدمه الرسول في ألف من بني سليم وكلهم من الفرسان يحمل ألويتهم ثلاثة منهم، عباس بن مرداس السلمي، وخفاف بن ندبة، والحجاج بن علاط. وكانت الكتائب قد غاص رجالها في الدروع فصارت تمر أمام أبي سفيان وكأنها بحر متحرك من الحديد. وعندما مر خالد في فرسان بني سليم قال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال العباس: بنو سليم. فقال أبو سفيان: ما لي ولسُليم. ولما قال العباس وهذا قائدهم خالد بن الوليد. قال أبو سفيان. الغلام؟ قال: نعم. ولما حاذى خالد العباس وإلى جانبه أبو سفيان كبَّر ثلاثًا، ثم مضوا.
ثم مر الزبير بن العوام في خمسمائة من محاربى المهاجرين وأخلاط من العرب ومعه راية سوداء. فلما حاذى أبا سفيان كبر ثلاثًا.
وكان أبو سفيان يعرف الزبير حق المعرفة. ولكنه لا كان غائصًا في الدرع والمغفر، لم يعرفه. فقال: من هذا قال: الزبير بن العوام.
قال: ابن أختك؟ (وكان الزبير بن صفية بنت عبد المطلب).
فقال العباس: نعم.
ثم مر بنو غفار في ثلاثمائة. يحمل رايتهم أبو ذر الغفاري فلما حاذوه كبَّروا ثلاثًا. فقال: من هؤلاء يا أبا الفضل؟ قال: بنو غفار: فيقول أبو سفيان: ما لي ولبني غفار.