للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعذورون، وهم الضعفاء والرضى، والمقلون وهم البكَّاؤون.

وعصاة مذنبون وهم الثلاثة وأبو لبابة وأصحابه المذكورون.

وآخرون ملومون مذمومون، وهم المنافقون (١).

وفاة زعيم المنافقين ابن أُبَيٍّ:

وفي شهر شوال عام تبوك مرض زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، ومات في ذي القعدة في السنة التاسعة هجرية، وكان مرضه عشرين ليلة، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده فيها، فلما كان اليوم الذي مات فيه دخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يجود بنفسه، فقال: قد نهيتك عن حب اليهود. فقال عبد الله بن أبي: أبغضهم سعد بن زرارة فما نفعه. ثم قال ابن أبي يا رسول الله، ليس بحين عتاب، فإن مت فاحضر غسلى وأعطنى قميصك أكفن فيه. فأعطاه الأعلى - وكان عليه قميصان - فقال: الذي يلي جلدك، فنزع قميصه الذي في جلده فأعطاه، ثم قال: صل عليّ واستغفر لي، وكان جابر بن عبد الله يقول: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موت ابن أبي إلى قبره، فأمر به فأخرج، فكشف عن وجهه ونفث عليه من ريقه، وأسنده إلى ركبتيه وألبسه قميصه - وكان عليه قميصان - وألبسه الذي يلي جلده. قال الواقدي: والأول أثبت عندنا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حضر غسله وحضر كفنه، ثم حمل إلى موضع الجنائز، فتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلى عليه، فلما قام وثب عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أتصلى على ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا ويوم كذا وكذا، فعدَّ عليه قوله، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: أخّر عنى يا عمر، فلما أكثر عليه عمر قال: إني قد خيّرت فاخترت، ولو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له زدت عليها، وهو قوله عزَّ وجلَّ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (٢).

يقال إنه - صلى الله عليه وسلم - قال: سأزيد على السبعين. فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف، فلم يكن إلا يسيرًا حتى نزلت هذه الآيات من براءة: {وَلَا


(١) البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٦ - ٢٧.
(٢) التوبة: ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>