للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعذرهم، فجاؤوا بأموالهم وقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها وعنا واستغفر لنا، فقال: (ما أمرت أن آخذ أموالكم) فأنزل الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (١). قال: والمرجون هم الذين لم يربطوا أنفسهم بالسوارى فأرجئوا حتى نزل قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ... الَّذِينَ خُلِّفُوا} إلى آخرها، وكذا رواه عطية بن سعيد العوفي عن ابن عباس بنحوه.

وذكر سعيد بن المسيب ومجاهد ومحمد بن إسحاق قصة أبي لبابة وما كان من أمره يوم بني قريظة وربط نفسه حتى تيب عليه، ثم أنه تخلف عن غزوة تبوك أيضًا حتى تاب الله عليه، وأراد أن ينخلع من ماله كله صدقة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكفيك من ذلك الثلث"، قال مجاهد وابن إسحاق، وفيه نزل: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الآية. قال سعيد بن المسيب ثم لم يكن منه بعد ذلك في الإسلام إلا خيرًا رضي الله عنه.

وروى البيهقي من طريق أبي أحمد الزبيرى عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن عياض بن عياض عن أبيه عن ابن مسعود قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنّ منكم منافقين فمن سميت فليقم، قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان، حتى عدّ ستة وثلاثين، ثم قال: إن فيكم -أو إن منكم- منافقين سلوا الله العافية"، قال: فمرّ عمر برجل مقنع وقد كان بينه وبينه معرفة، فقال: ما شأنك؟ فأخبره بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

فقال: بعدا لك سائر اليوم.

قال ابن كثير: قلت: كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام: مأجورون كعلي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة وابن أم مكتوم.


(١) التوبة: آيات ١٠٣ - ١٠٤ - ١٠٥ - ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>