للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أعرفها، لقد كثرت هذه الوجوه علي -: أنت فعلت هذا وقومك، إن هؤلاء صدّقوني إذ كذبتمونى، ونصرونى إذ أخرجتمونى (١).

[العرض العسكري أمام أبي سفيان]

وبعد أن أسلم أبو سفيان وتم الاتفاق بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين زعيم قريش أبي سفيان على أن تكون مكة مدينة مفتوحة تُحقن فيها دماء قريش ويدخلها الجيش النبوي بدون حرب. وقبل أن يتوجه أبو سفيان إلى قومه في مكة ليبلغهم فحوى الاتفاقية، ويطلب منهم تنفيذها ليحقنوا دماءهم ويحرزوا أموالهم، رأى الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - أن يرى عرضًا عسكريًا يستعرض فيه كل قواته الحربية أمام سيد قريش أبي سفيان بن حرب قبل أن يعود إلى مكة، لكى يعود إليها وهو يحمل الانطباع الحقيقي عن مدى قوة الجيش النبوي، وحسن تنظيمه وجودة تسليحه وكثرة عدده وشدة انضباطه، وأن لا قبل لقريش بمقاومته، إذا ما فكرت في المقاومة.

[احتجاز أبي سفيان لفترة محدودة ليشهد العرض العسكري]

فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يحتجز أبو سفيان في مضيق الوادي لفترة محدودة تنتهي بانتهاء العرض العسكري الذي قرر الرسول القائد إجراءه قبل دخول الجيش مكة، وقد توجس أبو سفيان خيفة من هذا الإِجراء، وظن أن احتجازه عند مضيق الوادي يحمل بادرة غدر يراد به. ولكن وسيط السلام طمأنه بأن المسلم لا يغدر ولا ينكث بعهد أعطاه. وإنما هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحب أن يرى أبا سفيان جنود الله (إخوانه) قبل أن يعود إلى مكة.

فقد ذكر المؤرخون أن أبا سفيان بعد أن خرج من مقر قيادة الرسول متجهًا نحو مكة، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمه العباس: احبسه بمضيق الوادي إلى خطم الجبل (٢) حتى تمر به جنود الله فيراها.

قال العباس: فعدلت به في مضيق الوإدى إلى خَطم الجبل، فلما


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩١.
(٢) خطم الجبل .. أنفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>