بعد أن تمت السيطرة للمسلمين على مكة (وهي أهم وأعظم معقل للوثنية) بدا واضحًا وكأن نجم الوثنية (لا في الحجاز وحده، بل في الجزيرة العربية كلها) يسرع نحو الأفول. وأن أمر انهيار الوثنية في الجزيرة كلها إنما هو مسألة وقت فقط.
لأن مكة (سواء من الناحية العسكرية أو السياسية أو المعنوية أو الروحية) محط أنظار الوثيين على اختلاف ميولهم ومشاربهم.
وبعد انهيار الوثنية شرقي المدينة وبعد انتهاء الوجود اليهودى في خيبر الذي كان أعظم خطر (من الناحية البشرية والسياسية والمالية) يهدد الوجود الإِسلامي .. بعد حدوث ذلك لصالح الإِسلام والمسلمين. لم يبق من يخشاه المسلمون ويحسبون له الحساب الدقيق، وله وزنه الثقيل في نظرهم سوى قوتين عظيمتين اثنتين (قريش في مكة وهوازن في بواديها الشاسعة الواسعة الممتدة من حدود الحرم في الحجاز حتى أطراف نجد في الشرق والشمال).
أما قريش العدو الرئيسى الأكثر تنظيمًا والأخطر عداوة للإسلام والمسلمين فقد تحطم وجوده وزال خطره بوقوع عاصمته مكة في أيدى قوات التوحيد في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة (١)، ولم يبق من يخشاه المسلمون خشية حقيقية سوى قبائل هوازن ذات القوة الحربية الشديدة والعدد الهائل حيث كان باستطاعتها أن تحشد أكثر من عشرين ألف مقاتل، هو ما فعلته حين زحفت بهذه القوة صوب مكة فالتقى بها المسلمون في أوطاس (وادي حنين)
(١) انظر تفاصيل فتح مكة وإنهاء وجود قريش الوثنى في كتابنا الثامن (فتح مكة).