للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٢ -

حملة لتأديب خثعم (١) .. صفر سنة تسع هجرية:

وهي دورية قتال صغيرة مكونة من عشرين رجلًا، أعطى الرسول قيادتهم إلى قطبة بن عامر بن حديدة (٢)، وأمرهم أن يغيروا على حيّ من خثعم ظلوا على الوثنية، وهم في ناحية تبالة .. فخرج قطبة بن عامر في صحبة، ومعهم عشرة جمال، يتعقبونها، وقد غيّبوا السلاح، زيادة في التكتم، وصارت الحملة تكمن بالنهار وتسير الليل.

وعندما وصلوا إلى مكان يقال له: بطن مسحب وجدا رجلًا فاستجوبوه - وكان كما يبدو - من قبيلة خثعم، فلم يخبرهم بشيء، بل صاح محاولًا إنذار الوثنيين من خثعم فقتله قطبة بن عامر قائد السرية.

ثم أقام عامر بسريته مكانهم حتى مضت ساعة من الليل، فبعث برجل طليعة يستكشف مواقع العدو، فعرف مواقعهم وأنهم مخيمون في الحضر وعندهم الإبل والشاء، فأصدر قطبة إلى رجاله الأوامر بالهجوم، على أن يدبّوا دبيبًا بحيث لا يشعر بهم الحرس، وعلى أن يكون الهجوم بعد أن يهدأ من في الحى ويناموا.

وفعلًا لما هدأ رجال العدوّ وناموا كبّر قطبة ورجاله وشنّوا عليهم الغارة، فخرج إليهم من في الحاضر، فاقتتلوا قتالًا شديدًا حتى كثرت الجراح في الفريقين، واستمرت المعركة إلى أن أصبح الصباح، وعندها جاءت النجدات الكثيرة من خثعم وكادت سرية قطبة تطوق من جميع الجهات، إلا أن الله جاء بسيل عظيم حال بين نجدات خثعم وبين أسياد قومهم المشتبكين مع رجال قطبة بن عامر حيث لم يستطعوا عبور الوادي، وهنا تمكن قطبة وسريته من القضاء على جميع من في الحى، ثم استولى على كل ما في الحى من نعم وشاء واستاق بعه جميع النساء سبايا، وعاد بالجميع إلى المدينة، فكان حصة كل رجل من


(١) خثعم: قبيلة يمانية قحطانية، تقع منازلهم ما بين بيشة وتربة، وقد كانت خثعم جيلًا عظيمًا محاربًا في الجاهلية، وقد قامت بغزو ثقيف في الطائف، فهزمتهم ثقيف.
(٢) انظر ترجمة قطبة بن عامر في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).

<<  <  ج: ص:  >  >>