حقًّا إنه لاختبار قاس وامتحان شديد. شاب مسلم فرَّ بدينه إلى المسلمين ثم ينتزع انتزاعًا ليرمى به مرة أخرى في جحيم الشرك بعد أَن خرج منه والتجأَ إلى أُسرة الإسلام في الحديبية.
لقد تأَذّى المسلمون لهذا المنظر وتأَلموا أشد الأَلم حتى إن الكثير منهم بكى إشفاقًا على هذا الشاب الطيب المسلم وهم يرون أَباه المشرك يسحبه في جلافة الوثني الفظّ.
لقد كانت الرغبة ملحَّة في نفوسهم - بل وفي مقدورهم - أَن يخلصوا هذا الشاب الصادق الإيمان من وحشية أبيه الوثني الفظ. . فقد كانت قلوبهم وكأَنها تتمزق وهم يرون سهيل بن عمرو المشرك يسحب في وحشية وقسوة من بين أَيديهم - ابنه المؤمن والدماء تسيل من شدة ضغط مقابض السلاسل على قدميه.
حقًّا لقد كان منظرًا تبكي له القلوب قبل العيون .. ولكن ماذا عسى أَن يصنع المسلمون القادرون على تخليص هذا الفتى المسلم. . ماذا عسى أَن يصنعوا؟ .
إنهم أَمام هذا المنظر الذي بكت له قلوبهم قبل عيونهم يشعرون وكأَنَّ أيديهم مشدودة إلى الوراء. . شدها الوفاءُ بالعهد الذي أَعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قريشًا، وشرف الكلمة التي التزم تنفيذها ضمنَ نصوص معاهدة الصلح، الذي جعلهم يقفون مكتوفي الأَيدي لا يجرأُون على التعرض لسهيل بن عمرو الذي صادر حرية ابنه الشاب المسلم وأجبره على العودة ليعيش في مجتمع الوثنية الذي لا يريد العيش فيه.