وكما هي عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تضليل العدو الذي يريد مهاجمته اتجه بجيشه نحو الشمال بينما تقع منازل بني لحيان (الذين قرر غزوهم) في أَقصى الجنوب.
وقد أَعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل تحركه نحو الشمال: أَنه يريد الإِغارة على الشام.
وسبب هذه التعمية: هو أَنه أَدخل في حسابه وجود جواسيس في المدينة أَو حواليها يعملون لحساب قبائل بني لحيان الذين كانت لهم صولة ودولة قبل الإِسلام (١).
واتجاهه نحو الشمال وإِعلانه بأَنه يريد غزو الشام يفوّت على هؤلاءِ الجواسيس الغرض الذي من أَجل تحقيقه قاموا بالتجسس. . وحتى أَصحابه كانوا لا يشكُّون في أَنه يريد أَن يغزو بهم الشام، ولم يعلموا أَنه يريد بني لحيان إِلا عندما انحرف بهم نحو الجنوب، بعد أَن اتَّجه بهم متوغلًا نحو الشمال حوالي عشرين ميلا. . في حركة تمويهية على العدو بارعة.
وكان تغيير خط سيره من الشمال إِلى الجنوب عند مكان يقال له (البتراءُ) ففي ذلك المكان عطف بجيشه نحو الغرب حتى استقام على الجادة منْصَبًّا نحو الجنوب.
[فرار اللحيانيون قبل وصول النبي]
ولقد بذلت قيادة الجيش النبوي قصارى جهدها في اتباع طريق
(١) انظر ذلك في Emcyclodie de Islam tome ٣ p ٢٦ - ٢٨