للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المحاصرة ثم الجلاء]

وبعد أن اكتشف النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المؤامرة عاد لتوه إلى المدينة، ثم وجّه إنذارًا إلى يهود بنى النضير بأن يجلوا عن يثرب، وأعطاهم مهلة مدتها عشرة أيام، إذ استدعى الصحابي الشهير محمد بن مسلمة الأنصاري وقال له: "اذهب إلى يهود بنى النضير وقل لهم: إن رسول الله أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلادى، لقد نقضتم العهد الذي جعلت لكم مما هممتم به من الغدر، لقد أجلتكم عشرًا، فمن رؤى بعد ذلك ضربت عنقه (١).

وقد رفض اليهود الإنذار النبوى، وأعلنوا أنهم سيقاومون حتى النهاية، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم الحصار فلم يصمدوا، فبعد مرور حوالي عشرين يومًا فقط على محاصرتهم شرعوا في مفاوضة النبي للتسليم، وقد انتهت المفاوضة بالاتفاق على أن يجلوا يهود بني النضير عن يثرب جلاءً تامًّا، ولهم أن يحملوا من أموالهم ما يقدرون على حمله ما عدا السلاح، وقد ضمن النبي القائد لهؤلاء اليهود عند الجلاء سلامة أوواحهم وأموالهم حتى يجتازوا المنطقة الخاضعة لسلطان المسلمين.

وفعلا تم إجلاء هؤلاء اليهود، اللهم إلا من أسلم منهم، وهم رجلان فقط، وبعد أن تمت عملية الجلاء نزل أكثر هؤلاء اليهود منطقة خيبر، والقليل منهم ذهب إلى الشام، وبجلاء يهود بنى النضير لم يبق في منطقة يثرب من اليهود سوى قبيلة واحدة وهي قبيلة بنى قريظة الذين يبلغ عددهم رجالا ونساء حوالي الألفين،


(١) طبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>