وكان من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم بصفته القائد الأعلى للجيش، أن يقيم لنفسه حرسًا يحرسون مقره طالما أنه في أرض للعدو، وفي حالة حرب. وكان اثنان من الصحابة اشتهرا بتولى حراسة الرسول صلى الله عليه وسلم هما عبّاد بن بشر، ومحمد بن مسلمة، وكلاهما من الأنصار.
وفي تبوك استعمل رسول الله صلى الله عليه زسلم على حرسه - من يوم قدم إلى تبوك حتى رحل عنها - عبّاد بن بشر، فكان عباد يقوم مع رجاله بأعمال الدورية، فيطوف على أصحابه في العسكر، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: يا رسول الله ما زلنا نسمع صوت تكبير من ورائنا حتى أصبحنا، أفوليت أحدنا يطوف على الحرس؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعلت، ولكن عسى أن يكون بعض المسلمين على خيلنا انتدب، فقال سلكان بن سلامة: يا رسول الله خرجت في عشرة من المسلمين على خيلنا، فكنا نحرس الحرس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: رحم الله حرس الحرس في سبيل الله، فلكم قيراط من الأجر على كل من حرستم من الناس جميعا أو دابة.
وفي غزوة تبوك أجرى الله على يد رسوله صلى الله عليه وسلم معجزة أخرى زاد الله بها المؤمنين إيمانًا، فقد ذكر الواقدي ج ٣ ص ١٠٣٤ و ١٠٣٥، أن نفرًا من بني سنعد هذيم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنا قدمنا عليك وتركنا أهلنا على بئر لنا قليل ماؤها، وهذا القيظ، ونحن نخاف أن تفرقنا أن نقتطع، لأن الإِسلام لم يفش حولنا بعد، فادع الله لنا في ماء بئرنا، وإن روينا به فلا قوم أعز منا، لا يعبر بنا أحد مخالف لديننا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغونى حصيات، فتناولت ثلاث حصيات فدفعتهن إليه، ففركهن بيده ثم قال: اذهبوا بهذه الحصيات إلى بئركم فاطرحوها واحدة واحدة وسموا، فانصرفوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا ذلك فجاشت بالرواء، ونفوا من قاربهم من المشركين ووطئوهم، فما انصرف رسول الله صلى الله