للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[امرأة تطلب إعدام المنهزمين المسلمين]

والعجيب أن حماس الثبات مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعامل الغضب على المسلمين المنهزمين قد بلغ بإحدى نساء الأنصار اللواتى ثبتن مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ساعة الهزيمة وهي (أم سليم بنت ملحان) طلبت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ينفذ حكم الإعدام في الذين فرّوا من أصحابه عند الصدمة الأولى يوم حنين.

فقد ذكر المؤرخون أن أم سليم هذه -وكانت مع زوجها أبي طلحة (١)، وهي حامل بابنها عبد الله، وهي حازمة وسطها، ومعها جمل أبي طلحة، وقد خشيت أن يعزّها (٢) الجمل، فأدنت رأسه منها، فأدخلت يدها في خزامته (٣) مع الخطام، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم سليم؟ . قالت: نعم بأبي أنت وأمى يا رسول الله. أرأيت هؤلاء الذين أسلموك وفرّوا عنك وخذلوك، لا تعف عنهم إذا أمكنك الله منهم، فاقتلهم كما تقتل هؤلاء المشركين. وفي رواية: اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك، كما تقتل الذين يقاتلونك، فإنهم لذلك أهل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أم سليم قد كفى الله .. عافية الله أوسع. قالوا: ومعها خنجر، فقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر معك يا أم سليم؟ . قالت: خنجر أخذته، إن دنا مني أحد المشركين بعجته (٤) به، قال يقول: أبو طلحة: ألا تسمع يا رسول الله ما تقول الرميصاء (٥).

كما طالبت امرأة أخرى بإعدام المنهزمين من المسلمين وهي أم الحارث الأنصارية. فقد روى الواقدي قال: وكانت أم الحارث الأنصارية أخذت بخطام جمل أبي الحارث زوجها، وكان جمله يسمَّى المجسار فقالت: يا حار، تترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بخطام الجمل، والجمل يريد أن يلحق بألافه، والناس يولوّن منهزمين، وهي لا تفارقه. فقالت: أم الحارث: فمر بي عمر بن الخطاب (وكان ممن ثبت) فقالت أم الحارث: يا عمر، ما هذا، فقال


(١) انظر ترجمة أبي طلحة في كتابنا (غزوة أحد).
(٢) يعزها: يغلبها، ومنه قوله تعالى في قصة داود - عليه السلام -: {فعزني في الخطاب}.
(٣) الخزامة حلقة من شعر تجعل في أنف البعير لينقاد بها ولا يعصى.
(٤) بعجته. يقال: بعج بطنه إذا شقه.
(٥) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٨٨ و ٨٩ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٠٣ و ٩٠٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>