للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخفى عامة اليهود أكثر ما لديهم من نقود الذهب والفضة عندما شعروا بأنهم سيخسرون المعركة، ويدل سياق الأحداث (كما هو في أمهات التاريخ) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تسامح معهم في هذا الأمر بالرغم من علمه به وبالرغم من أن نصوص المعاهدة تلزمهم بتسليم كل ما لديهم. من أموال منقولة وغير منقولة كغنيمة حرب للجيش الإِسلامي (كما هي قوانين الحرب في ذلك العصر).

ويدل على تسامح النبي - صلى الله عليه وسلم - مع هؤلاء اليهود هو أنهم قد اشتروا بأموالهم الشيء الكثير من الغنائم التي غنمها الجيش في خيبر فربحوا من ذلك أرباحًا طائلة.

يدل على ذلك ما رواه الواقدي: فلقد كان من اليهود حين أمّنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلون ويدبرون ويبيعون ويشترون، لقد أنفقوا عامة المغنم مما يشترون من الثياب والمتاع، وكانوا قد غيّبوا نقودهم وعين مالهم (١).

[النبي يحذر من الاعتداء على أموال اليهود]

وبعد أن عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود اتفاقية المساقاة والمزارعة وأعطاهم الأمان صار المسلمون يقعون في حرثهم وبقلهم فشكت اليهود ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بجمع المسلمين والجيش لما يزل في خيبر - فلما اجتمعوا حذرهم من التعرض لليهود وأخذ أي شيء من رروعهم، فقد وقف فيهم - صلى الله عليه وسلم - خطبًا وقال: (بعد أن حمد الله وأثنى عليه) - إن اليهود شكوا إليّ أنكم وقعتم في حظائرهم وقد أمّناهم على دمائهم وعلى أموالهم والذي في أيديهم من أراضيهم، وعاملناهم، وأنه لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها.

فامتثل المسلمون أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا لا يأخذون شيئًا من ثمار الأراضي التي أعطيت لليهود إلا بثمن، ولقد بلغ بالمسلمين التحرز والتعفف إلى أن يقول اليهودى للمسلم، أنا أعطيك هذا (من الثمار) بلا


(١) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٦٩ - ٦٧٠ من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر عن جعفر بن محمود.

<<  <  ج: ص:  >  >>