قريشًا إنما تفتري وتكذب على المسلمين حينما تروِّج بين عامة العشائر والأَعراب، أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه إنما جاؤوا ليهتكوا حرمة مكة فيدخلوها عنوة بقصد الحرب.
[ما أراكم إلا ستصيبكم قارعة يا معشر قريش]
لذلك عاد الوسيط الثاني إلى حلفائه قريش (بعد أَن فشل في حمل النبي على تنفيذ رغبة قريش بالانسحاب والعودة إلى المدينة دون أَن يطوف بالبيت ودونما أَية ضمانات تعطى له) عاد الوسيط حاملًا إليهم نهاية مفاوضاته الفاشلة، وحاملًا لهم التحذير ومُسْديًا لهم النصح بأَن يحنوا رؤوسهم للعاصفة لتمر بسلام، بأن يخففوا من غلوائهم.
كما نصحهم (في صراحة متناهية) بأَن لا يورِّطوا أَنفسهم في صدام مسلَّح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه، لأَن الهزيمة (حسب ملاحظاته وتقديراته) ستكون من نصيب حلفائه القرشيين إن هم تسرَّعوا، وتعجلوا العُدوان.
وقد بانت له هذه الحقيقة التي لم يخفها عن حلفائه .. بانت له على ضوء ما لمسه ورآه من تماسك وحدة القوى الإسلامية داخل معسكر محمد بشكل لم يسبق له أَن سمع أَو رأَى مثله، وعلى ضوء ما رآه من حب عجيب بين المسلمين لنبيهم، وتفان أَعجب في حمايته والدفاع عنه.
فقال عروة السادات مكة: يا معشر قريش إني قد وفدت على الملوك، على كسرى وهرقل والنجاشي، وإني والله ما رأَيت ملكًا قط أَطوع فيمن هو بين ظهرانيه من محمد في أصحابه، والله ما يشدُّون إليه النظر، وما