حاول عروة بن مسعود تخويف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعود من حيث أَتى، وحاول التأْثير (عن طريق التلويح بعظمة قوة قريش) بأَن من مصلحته ومصلحة أَصحابه أَن يزيلوا من أَذهانهم فكرة الأَمل في الطواف بالبيت ما دام القريش سلطان في مكة.
ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وأَصرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على أَن من حقه ومن حق أَصحابه أَن يدخلوا مكة ويطوفوا متى شاءوا، إلا أَنهم لن يتعجلوا الأَمور لنيل هذا الحق عن طريق اقتحام مكة بحدِّ السلاح .. وذلك رغبة منهم في حقن الدماء وأَملًا منهم في يصحو عقلاءُ قريش من سكرة طغيانهم فينتهجوا أَي نهج به يحولون دون سفك الدماءِ، ويفسحون الطريق للمسلمين ليباشروا حقهم الطبيعي في زيارة بھيت الله الحرام شأْنهم في ذلك شأْن كل العرب.
وهكذا انتهت المفاوضة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وعروة بن مسعود، دون أَن يتم التوصل إلى أَي اتفاق ينهى الأَزمة .. إِلا أَنه من خلال هذه المحادثات أَكدت لعروة بن مسعود صدق نوايا المسلمين السلمية وأَنهم (فعلًا) إنما جاؤوا في رحلة روحية خالصة (معتمرين لا محاربين) وأَن
= من ابن عمرو وقد أقبل كالسيد (السيد بكسر السين مع التشديد: الذئب) عاضًا على سهم مفوق بآخر، لا يسير إلى أحد بسهمه إلا وضعه حيث يريد، فلما غلبوه أعد للقتال واصطفوا، أقبل كنانة بن عمله ياليل يضرب درعه روحتي رجليه يقول: من مصارع؟ ثم أقبل أطيعوني! قالوا: الأمر إليك قال: فبرز مسعود بن عمرو فقال: يا عروة بن مسعود أخرج إلي! فخرج إليه، فلما التقيا بين الصفين قال: عليك ثلاث عشر دية فإن المغيرة قد قتل ثلاثة عشر رجلا فاحمل بدياتهم. قال عروة: حملت بها، هي علي. قال: فاصطلح الناس، فذلك الذي عناه عروة بن مسعود حينما قال للمغيرة: (والله ما غسلت غدرتك بعكاظ بالأمس).