بعهد أو يلتزموا بميثاق .. وقيول المسلمين الجزية من يهود خيبر هو ميثاق من المواثيق .. وعقد مثل هذا الميثاق -مع هؤلاء اليهود- قد أثبتت التجارب عبر السنوات السبع أن لا فائدة منه مطلقًا، بل قد يكون فرصة جديدة يغتنمها هؤلاء اليهود ليسددوا ضربة غدر جديدة للإطاحة بالمسلمين كما فعل بنو النضير حين حزبوا الأحزاب، وبنو قريظة حين نقضوا العهد وغدروا بالمسلمين في أدق ساعات مصيرهم.
لهذا (والله أعلم) لم يقبل النبي من يهود خيبر إلا أحد أمرين إما الدخول في الإسلام فالاندماج في الأسرة الإِسلامية، وإما الصدام المسلح حتى يقضى الله أمرًا كان مفعولًا .. ويدلنا على صحة ما ذهبنا إليه في هذا التحليل والاستنتاج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أصر على محاربة يهود خيبر دون أن يعرض عليهم أن يدفعوا الجزية ليبقى لهم كيانهم وأموالهم، قد قبل (في نفس الوقت) الجزية من يهود تيماء وترك لهم كل أموالهم ولم يعاملهم كمحاربين فتركوا أحرارًا فلم يأخذ منهم أسيرًا ولم يسبِ منهم امرأة أو طفلًا وكذلك فعل مع يهود (فدك) حين صالحهم وقبل منهم نصف أراضيهم وتركوا أحرارا في بلادهم بالرغم من أن (فدك) تعتبر من ضواحي خيبر.
ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسلك هذا المسلك في التمييز في المعاملة بين يهود تيماء وفدك وبين يهود خيبر، إلا لأن الأولين لم يشكلوا الخطر الذي يشكله يهود خيبر على أمن وسلامة الكيان الإِسلامي بعدوانهم المتواصل ومؤامراتهم التي لم تنقطع إلا حينما سحق المسلمون كيانهم الزنيم الدخيل بالاستيلاء على خيبر .. ولأن يهود تيماء والشمال وفدك، لم يكن لهم أية يد في أعمال التحريض والتحزيب والعدوان الآثم المخيف الذي رسمت مخططاته في خيبر وقامت به الأحزاب بقيادة سادات خيبر أنفسهم عام الخندق (السنة الرابعة من الهجرة).
[بدء المعركة]
رفض يهود خيبر الدعوة إلى السلام والتي حملها إليهم علي بن أبي طالب متمثلة في دعوتهم إلى الدخول في الإِسلام لتحقن دماؤهم وليكونوا مع