للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هؤلاء اليهود لشدة ثقتهم بمناعة وحصانة وقوة حصن النزار ولكونهم على ما يشبه اليقين بأن قوات المسلمين ستعجز عن فتح هذا الحصن، وأنها ستضجر من طول المقام محاصرة له دون أن تتمكن من متحه، فتعود أدراجها، أو ستُجبر على الدخول في مفاوضة مع اليهود وهم في وضع من القوة يجعلهم يحصلون على شروط أفضل في صبح يعقدونه مع المسلمين .. من أجل هذا كله شحن اليهود (حصن النزار) بأفضل ما لديهم من المحاربين، ثم جمعوا في هذا الحصن النساء والذرية وكانوا حوالي ألفين (١) ثم تحصنوا في هذا الحصن أشد التحصن وامتنعوا فيه أشد الامتناع، وصاروا يدافعون عنه دفاع المستميت، لأنهم يدركون تمام الإدراك أن سقوط هذا الحصن في أيدى المسلمين يعني سقوط الشطر الأول والأهم من مدينة خيبر، وبالتالى يعني انهيار المقاومة اليهودية انهيارًا كاملًا، قد يجعلهم غير قادرين على الدفاع عن الشطر الثاني من المدينة الذي لم يكن مستوى أهله كمستوى يهود الشق والنطاة من حيث الشجاعة والنجدة والصبر على القتال، وقد كان قادة وزعماء اليهود في الشطر الثاني من خيبر يعرفون هذا، وقد صرح به أحد قادتهم (كنانة بن أبي الحقيق النضرى) حيث قال (عند سقوط آخر حصن من حصون النطاة والشق في أيدى المسلمين): قد فرغ محمد من النطاة وليس أحد هاهنا يقاتل، قد قتلت يهود حيث قتل أهل النطاة (٢).

[ضرب الحصار على حصن النزار]

قال ابن كثير في البداية والنهاية: (وهرب من كان في حصن (أُبيّ) من المقاتلة وتقحموا الجُدُر وكأنهم الضباب، حتى صاروا إلى حصن البزاة (يقصد حصن النزار) بالشق، وتمنعوا أشد الامتناع اهـ. وكان أهل حصن (النزار) أشد أهل الشق قتالًا (٣).


(١) إمتاع الأسماع ص ٣١٨.
(٢) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٧٤.
(٣) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>