وبعد غضبة سيد الأَحابيش لتصرفات قريش الرعناءِ، وإنذاره الصريح الشديد الذي وجهه إليها أَحد سادتها وزعمائها يبحثون جدِّيًا عن مخرج ينقذهم من الورطة التي وقعوا فيها أَنفسهم ورأَت أَن هذا المخرج لن يكون بالا بعقد صلح يتم بينها وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - يحفظ لها ماء وجهها، بعد أَن أَقسمت أَن لا يدخل محمد عليها مكة أَبدًا حتى تفنى عن بكرة أَبيها.
وتمهيدًا للظفر هذا الصلح الذي لا سبيل لقريش إِلى الخروج من ورطتها إِلا بالظفر به، أَخذت في ملاطفة حليفها الأَكبر سيد الأَحابيش (بعد أَن أَسمعها كلمات الرجولة والعدل) تلك التي أَداخت باطلها وأزالت عنها كل فعاليات سُكْر البغي والطغيان، حتى صَحَت كل الصحو لترى جريرة تعنتها وبطرها تكاد تحيق بها ويلاتها من كل جانب.
فقد طلب سادات قريش (في رجاءٍ) من سيد الأَحابيش الذي أَعلن أَنه سينحاز إِلى جانب الحق إذا لم ترجع قريش عن غيّها فتخلي بين المسلمين وبين البيت .. طلبوا منه أَن يمنحهم الفرصة الكافية ليبحثوا عن مخرج من ورطتهم قائلين: (منه، كف عنا يا حُليس، حتى نأَخذ لأَنفسنا ما نرضى، وكان الذي يرضون هو الصلح الذي أَبرموه مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي.
وقد أَجابهم سيد الأَحابيش إِلى ما طلبوا فلم ينسحب من حلفهم بعد أَن رأَى أَنَّ ثمار إِنذاره قد أتت أُكلها بتراجع قريش عن موقفها المتصلب وسعيها للصلح مع المسلمين.
لقد أَوقعت تصريحات سيد الأَحابيش الشديدة قريشًا في مأْزق حرج للغاية، وزاد من موقفها حراجة إن ارتفعت أَصوات كثيرة (بعد تصريح