وخروج هذه القبائل على القرشيين وإِلغاؤها الحلف الذي بينها وبينهم يعتبر بمثابة ضربة صاعقة للمعسكر القرشي وخاصة في ذلك الظرف الحرج الذي بلغ فيه التوتر ذروته بين المسلمين ومشركي مكة.
لذلك اهتز المعسكر القرشي لتصريحات سيد الأَحابيش الذي كان يعني كل كلمة قالها في إِنذاره الموجه لطغاة مكة وعتاتها.
فتجسد لسادات مكة ما يهددهم من خطر الانقسام بعد الموقف المشرِّف الذي وقفه سيد الأَحابيش، ضد طغيانهم.
وتبين لسفهاءِ قريش وعقلائها على السواءِ أَن النفوس - حتى وإِن لم يكن أَصحابها مسلمين - ليست كلها بالتي ترضي البغي وتُقرّ العدوان والظلم والتعسف .. وذلك على ضوءِ ما سمعته من حليفها المشرك سيد الأَحابيش الذي شجب تصرفاتها التعسفية وحملَّها مسؤولية تأَزُّم الموقف الذي يهدد بانفجار حرب ليس لها من مبرر إلا العنجهية والنزق.
وعلى أَثر موقف سيد الأَحابيش الحازم الجادّ المنبثق من جداول الخلق العربي الأَصيل، لم يعد لدى قريش أَدنى شك في أَن المتهورين والسفهاءِ ودعاة الحرب منها قد أَوقعوها في ورطة كبيرة، عندما استجابت لهم، فركبت رأْسها (بعد أَن نفخ الشيطان في مناخر زعمائها) فأَعلنوا بأَنهم سيصدون النبيي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه عن البيت، ولو استدعى ذلك امتشاق الحسام وصدّهم عن طريق الحرب. بالرغم من تأَكدهم من نوايا المسلمين السامية واستيقانهم بأَنهم لم يأْتوا محاربين وإنما معتمرين زائرين للبيت.