بالرغم من أن معركة خيبر هي من أكبر وأطول المعارك الحاسمة التي خاضها النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن رصيدها من التفاصيل في وصف العمليات الحربية في أُمهات التاريخ غير متكامل كما يجب.
فلا شك أن كل حصن من الحصون التي فتحها المسلمون بقوة السلاح (وهي ثمانية حصون) كان لفتحه قصة يتوق القارئ إلى معرفتها بالتفصيل.
ولكن المؤسف هو أن أغلبية المؤرخين رحمهم الله يكتفون أحيانًا بالإشارة العابرة فقط إلى فتح الحصن دونما ذكر للتفاصيل، كما أن الوصف في سير المعركة في كل أُمهات التاريخ وصف مبعثر، وأحيانًا يستفيضون حيث ينبغي الإيجاز، ويوجزون حيث ينبغي التوسع والاستفاضة، ويقدمون ما ينبغي تأخيره ويؤخرون ما ينبغي تقديمه.
وهذا كله يجعل مهمة المؤرخ الحديث (الذي يرغب في أن يقدم للقراء وصفًا سهلًا متناسقًا) مهمة صعبة، وهذا الذي حدث لنا بالفعل، فإننا لم نلاق فيما ألفَّنا عن المعارك الفاصلة من الصعوبة في ربط الحوادث بعضها ببعض وتنسيقها وترتيبها مثلما لاقينا في تأليفنا لهذا الكتاب، وقد بذلنا الجهد قدر المستطاع ونرجو أن نكون قد أرضينا القارئ الكريم.
دعوة اليهود إلى الإِسلام .. وعدم ذكر الجزية:
كان أول شيء أقدم عليه النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - أن دعا اليهود إلى الإسلام ليدخلوا فيه فينصرف عنهم بعد أن يكونوا جزءًا من الأسرة الإسلامية.
وتلك طريقة الإسلام المتبعة عند أول لقاء يحدث في ميدان الحرب بين المسلمين وأهل الكتاب.
ويحدِّثنا البخاري أن علي بن أبي طالب كان أول قائد عرض على هؤلاء اليهود الإِسلام قبل القتال، وذلك بأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقد استدعى النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب (ليلة الدخول) فأعطاه الراية