وقد اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من وادي الرجيع مقرًا لقيادته، كما جعله قاعدة لإدارة العمليات الحربية ضد اليهود في حصون النطاة (وخاصة حصن ناعم) يغدو بالمسلمين من معسكره في هذا الوادي للقتال على راياتهم، فإذا أقبل المساء عاد بقواته إلى المعسكر في الرجيع.
وقد أنشأ النبي - صلى الله عليه وسلم - مركزًا للإسعاف داخل معسكره في هذا الوادي لمعالجة المسلمين في المعارك، حيث ينقل هؤلاء الجرحى من الميدان ساعة إصابتهم. وفي وادي الرجيع تمت معالجة الخمسين الذين أصيبوا بجروح في اليوم الأول من القتال أمام حصن ناعم.
[عثمان بن عفان قائد المعسكر]
وقد أسند النبي - صلى الله عليه وسلم - قيادة معسكر الجيش في الرجيع إلى عثمان بن عفان، ويقع وادي الرجيع في أعلى النطاة التي دارت فيها أعنف المعارك بين المسلمين واليهود، وهذا يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاتل اليهود (أول يوم) من أسفل النطاة، ثم قاتلهم (بعد أن تحوّل إلى الرجيع) من أعلاها حتى فتح الله عليه خيبر (١).
[شدة الانضباط العسكري عند المسلمين]
وفي بداية حصار المسلمين لحصن (ناعم) حدثت حادثة ألقى بعدها النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه درسًا في الانضباط العسكري وخطورة عدم التقيد بأوامر القائد العام للجيش، وأن الجندى لا يمكن أن يُقْدِم على أي عمل حتى يأذن قائده بذلك.
فقد ذكر المؤرخون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (وهو يستعد للهجوم على حصن ناعم في النَّطاة) نهى عن القتال حتى يتلقى الجند الإِذن منه بذلك.
ولكنَّ رجلًا من جند الإسلام (وهو من قبيلة أشجع النجدية) رأى
(١) انظر إمتاع الأسماع ص ٣١٠ وطبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ٧٧ وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣٢٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٨٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٧.