وخضد شوكتہهم هو باعثًا سياسيًا وعقائديًا، حيث صار القلق (بشدة) يساور قريشًا من أن تتم السيطرة للإسلام على جزيرة العرب، فيكون ذلك سببًا في هدم مركز قريش الروحى والأدنى بين قبائل عرب الجزيرة الوثنيين الذين ينظرون إلى قريش نظرة التبجيل ويكنون لهم قسطًا وافرًا من الاحترام والاعتراف بالسيادة الروحية، باعتبار الأماكن التي يقدسها هؤلاء العرب على اختلاف مذاهبهم الوثنية تقع ضمن أراضى قريش وفي ظل سيادتها وتحت حمايتها.
وإذا عرفنا أن مبعث الرغبة الملحة لدى جهود خيبر (واضعى خطوط هذا المشروع العدوانى) في القضاء على المسلمين هو (في الدرجة الأولى) الانتقام والانفراد بالسلطان وفرض ديكتاتورية المال من جديد على يثرب. . فإن الباعث لدى أعراب نجد (في الدرجة الأولى) هو الحصول على المال لأنهم أقوام عاشوا عمرهم على السلب والنهب.
ولهذا وجد هؤلاء الأعراب في مشروع الغزو الذي عرضه عليهم وفد خيبر، فرصة قد تحقق لهم ما يمنّون النفس به (منذ أمد بعيد) من انتهاب خيرات واحات المدينة عن طريق السلب والنهب إذا ما واتاهم الحظ فنجحوا في التغلب على المسلمين واحتلال عاصمتهم المدينة بالاشتراك مع قريش واليہهود كما هو أساس المشروع اليہهودي للغزو.
[مساومة أثناء المفاوضة]
ومع فرحة أعراب نجد بمشروع اليهود العدوانى ورغبتهم في المشاركة في غزو المدينة، فإنهم (وقد علموا حرص اليهود الشديد على تنفيذ هذا المشروع) أظهروا بعض التحفظ أثناء المفاوضة مع وفد خيبر ليجبروا هؤلاء اليهود على الدخول معهم في مساومة يحصلون في ظلها على شيء من المال من هؤلاء اليهود الذين يكتنزون منه الشيء الكثير.
وقد أدرك أعضاء وفد خيبر ما يهدف إليه أولئك الأعراب النجديون من وراء التحفظ المصطنع الذي أبدوه أثناء المفاوضة. . فدخلوا معهم في المساومة التي انتهت بأن يتعهد يهود خيبر بإعطاء القبائل النجدية الوثنية التي