والاستهانة بالعدو في حالة الحرب من أخطر ثمراتها التساهل في أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذا العدو.
والتساهل وعدم أخذ الحيطة تؤدى بالتالى إلى الهزيمة والانكسار من حيث لا يتوقع المتساهلون المعجبون بأنفسهم.
وهذا ما حدث بالفعل في صفوف الجيش النبوي، حيث أدى الإعجاب بكثرته إلى الجزم (سلفًا) بأن انتصاره على هوازن أمر مفروغ منه. وهو اعتقاد أدى إلى الاستخفاف بهوازن وقواتها الضاربة المدربة المنسقة, فكانت النتيجة أن هُزم المسلمون في حنين هزيمة كادت تكون ساحقة مدمرة، لولا أن ثبت الله القائد الأعلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة الهزيمة ونفر قليل من أصحابه الذين ثبتوا معه ساعة الهزيمة المنكرة، الأمر الذي أعاد للمسلمين المنهزمين تنظيمهم الذي فقدوه عند الصدمة الأولى حين انقضت عليه في غلس الفجر كمائن هوازن من الشعاب التي نظمهم ورتبهم فيها قائدهم الشاب وملكهم الشجاع مالك بن عوف.
فتحول (بعد ذلك) ميزان القتال لصالح الجيش النبوي، بعد أن محصهم الله بالهزيمة عند الصدمة الأولى، تحول ميزان القتال من هزيمة مزقت شمل الجيش الإسلامي (حتى وصل بعض المنهزمين منه قرب مكة) إلى انتصار ساحق كان أعظم ظفر من وجهة النظر الحربية يحرزه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في معركة خاضوها في العهد النبوي، نظرًا للقوى الكثيفة الشرسة المحاربة التي اصطدموا بها في وادي حنين، حيث كانت هذه القوى من هوازن لا تقل عن عشرين ألف مقاتل، بينما جيش المسلمين لا يزيد على اثنى عشر ألف مقاتل.
[حديث الجيش عن الإعجاب بالكثرة]
لقد تفوهت عناصر مِنْ الجيش النبوي بما يشبه الزهو والغرور بكثرة هذا الجيش، ويوحى بغفلة بعض القلوب عن الله نتيجة الإعجاب بالكثرة، فعاقبهم الله بالهزيمة التي ردتهم إليه تعالى.
فقد جاء في كتب التفسير والسير والتاريخ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فصل من مكة