وهكذا فإن دور القضاعيين في الشام (كحكام وملوك) كان - قبل الإِسلام - دورًا غير ذي بال إذا ما قيس بأدوار من قبلهم من العرب "كأسرة آل عاد والعمالقة من الأنباط والتدمريين الذين كان دورهم - أعنى التدمريين - أعظم الأدوار في التاريخ العربي في الشام قبل الإِسلام".
[قضاعة شعب محارب قوي]
غير أن الذي تجب الإِشارة إليه. هو أن قضاعة رغم زوال ملكهم في الشام قبل الإِسلام على أيدي الغساسنة، فقد ظلوا يستوطنون مشارف الشام (منطقة مؤتة ومعان ومؤاب وما حواليها) ويؤلفون مع إخوانهم الذين - ظلوا حتى ظهور الإِسلام يستوطنون الركن الشمالي الغربي لجزيرة العرب - ظلوا يؤلفون شعبًا قويًّا محاربًا بدرجة ممتازة. قوامه مجموعة من العشائر منهم تتلاحم في منطقتى الحدود بين الشام والجزيرة العربية.
ورغم تتويج الرومان للغساسنة ملوكًا على الشام (بما في ذلك المواطن التي كان يملكها القضاعيون) فإن الرومان ظلوا يعتمدون على قضاعة كقوة بشرية ذات قدرة قتالية ممتازة، في حروبهم ضد خصومهم بالإِضافة إلى اعتمادهم على تابعيهم من الغساسنة.
ولا أدل على إثبات هذه الحقيقة من أن القوة الرئيسية العربية التي قاتلت المسلمين في معركة (مؤتة الحاسمة) لحساب الرومان، كانت من قضاعة الذين كانوا رأس الحربة في الجيش الروماني الذي خاض - ضد المسلمين - معركة مؤتة في البلقاء بقيادة الأمير تيودور أخو الإِمبراطور (هرقل) عام ثمان للهجرة. حيث كان قائد العرب المتنصرة (وأكثرهم من قضاعة) في هذه المعركة، أحد سادات قضاعة، واسمه مالك بن رافلة. وقد لقى مصرعه في هذه المعركة. كما سيأتي تفصيله في كتابنا هذا إن شاء الله.
[كيف انتهت قضاعة في الشام]
أما كيف انتهى ملك قضاعة في مشارف الشام فليس فيما بين أيدينا من مصادر تاريخية (إسلامية أو أجنبية) أية تفصيلات عن الطريقة التي بها تغلب الغساسنة على القضاعيين وحلّوا محلهم في الشام اللهم إلا ما ذكره