فلم يجد هؤلاء السفهاء المتعصبون بدًا من إطاعة أوامر قطب قريش في مفاوضة الصلح سهيل بن عمرو، غير أنهم عرضوا على المسلمين مائة ناقة مقابل التخلِّي عن هذا الجمل لقيمته المعنوية (في نظرهم) لأَنه يعود لقائد عام جيشهم في معركة بدر الكبرى أَبي جهل بن هشام.
وقد أُبلغَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا العرض القرشي السخي، فأَبلغهم أنه يمكنه قبول هذا العرض أولًا أَنَّ الجمل المذكور قد سيق وسُمِّي في الهَدي فقال - صلى الله عليه وسلم -: لولا أَنّا سمّيناه في الهدي فعلنا، فأُعيد الجمل إلى الحديبية فنُحر هناك عن سبعة، أَحدهم أبو بكر وعمر (١).
[نحر عشرين بدنة عند المروة]
ولما كانت الحرب قد انتهت بين المسلمين وقريش نتيجة صلح الحديبية، بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشرين بَدنَة من الهدى لتنحر في مكة لإطعام أَهلها منها.
وكان الذي دخل بها مكة رجل من أَسلم، نحرها عند المروة وقسّم لحمها هناك حسب تعليمات الرسول الأَعظم - صلى الله عليه وسلم -.
[مدة الإقامة في الحديبية]
وقد أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - محصورًا في الحديبية عشرين يومًا وبعضهم يقول: إنها خمسة عشر يومًا، بعدها حل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إحرامهم خارج الحرم ثم عادوا إلى المدينة.
(١) مغازي الواقدي ج ١ ص ٦١٤ وزاد المعاد ج ٢ ص ٣١١ وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٣٨.