سيقومون بحرب شاملة (١) ضدهم ليردوا اعتبارهم الذي فقدوه في معركة بدر.
ولكن اليهود (علي الرغم من تظاهرهم بحب السلام ورغبتهم في التعايش مع المسلمين سلميًا) أخذوا يبحثون لهم كل يوم عن متاعب جديدة، فصاروا يثيرون القلاقل ضد النبي، ويتحدون شعور المسلمين ويستفزونهم.
بل إن البعض من هؤلاء أخذ يدعو (علنًا) إلى محاربة المسلمين، ويغرى قبائل العرب الوثنية بهم ويحرضهم على قتالهم، خلافًا لنصوص المعاهدة المعقودة بين المسلمين واليهود.
وكان المسلمون (مع هذا) يقابلون كل ذلك بصبر عظيم وحلم واسع، ويحاولون (جهدهم) تذكير اليهود وإعادتهم إلى جادة الصواب بالطرق السليمة.
ولكن اليهود تمادوا في غيهم، وازداد طغيانهم، فتوسعوا في تحرشاتهم بالمسلمين وأكثروا من تحدياتهم واستفزازاتهم.
[فتنة يهود بني قينقاع]
وكان بنو قينقاع (وهم من سكان المدينة) أول من أثار الشغب على
(١) قال اللواء الركن محمود شيت خطاب: الحرب الشاملة أو الحرب الاجتماعية مصطلح عسكرى يراد تحشيد كافة الإمكانات المادية والمعنوية لنيل النصر في الحرب، وكان الألمان يباهون الأمم بأنهم أول من طبق هذه الحرب، في الحرب العالمية (الثانية) بينما طبقها المسلمون قبل أربعة عشر قرنًا، قال الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.