وكلم بعض المهاجرين القائد عمرًا كى يسمح للجند بإشعال النار في الليل ليستدفئوا. فأغلظ له عمرو في القول. وقال - بلهجة القائد العسكري الحازم المسئول -: أنا القائد لا أنت فاسمع وأطع - وكان أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - قمة في التربية الحربية والانضباط العسكرية - ولذلك فإن قائد الجيش عمرو بن العاص قال للصحابى المهاجر: اسمع لي وأطع. قال: أفعل. واستمر إشعال النار على الجيش في ذات السلاسل أمرًا محظورًا في الليل حتى جاءت النجدة من المدينة. وشرع القائد عمرو في عملياته الهجومية الحربية على الأعداء.
وقد لام بعض الناس عمرًا لشدته وإغلاظه الجواب للمهاجرين حين طلبوا منه السماح للجند بإشعال النار لدفع البرد. ولكن يظهر أن عمرًا غير ملوم في حظره إشعال النار في الليل بالقرب من معسكرات وتجمعات أعداء يخشى أن يعرفوا مكان جيشه فيعجلوا بمهاجمته قبل أن تصله النجدة التي طلبها من المدينة.
فكان عمرو بن العاص قائدا مسئولا عن سلامة جنده. وله أن يتخذ من الإِجراءات ما يكفل هذه السلامة. حتى وإن بدت هذه الإِجراءات قاسية وشديدة.
فهو يرى أن إشعال النيران في الليل - وهو بالقرب من حشود معادية يريد مباغتتها. بل ويتحاشى الصدام معها حتى تصله النجدة من المدينة - يرى أن في ذلك خطرًا على سلامة جنده لأنَّ إشعال النيران في الليل يكشف للأعداء مكان جيشه.
النجدة تتحرك من المدينة لإِسناد عمرو بن العاص
وكان القائد عمرو بن العاص. عندما رأى في تقارير استخباراته أن حشود الأعداء من الكثافة والقوة. إلى درجة ليس في الإِمكان أن يقوم جيشه بمهاجمتها وهو في ذلك العدد القليل (ثلاثمائة مقاتل) بعث (على جناح السرعة) إلى المدينة يبلغ الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - حقيقة الموقف.