للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما سمح لها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنظر إلى جثمان أخيها حمزة، رأت منظرًا مريعًا تتفتت له الأكباد، رأت أخاها الشاب اليافع البطل معفرًا بالتراب، قد فتحت يد الحقد الوثني بطنه وجدعت أنفه وأذنه، ففاضت عيناه بالدموع، فبكت وأبكت، واستغفرت لأخيها (في هدوء المؤمن وثبات المسلم) ثم انصرفت، وكان - صلى الله عليه وسلم - يبكي لبكائها.

قال ابن مسعود: ما رأينا رسول الله عينة باكيًا أشد من بكائه على حمزة (رضي الله عنه) وضعه في القبلة ثم وقف على جنازته وانتحب حتى نشق (أي شهق) حتى بالغ به الغشي (١).

ك يف دفن المسلمون قتلاهم?

ثم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدفن الشهداء، وجاء في السيرة النبوية لابن هشام (٢) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بحمزة بن عبد المطلب فسجى ببردة، ثم صلى عليه فكبر عليه سبع تكبيرات, ثم أتى بالقتلى فيضعون إلى حمزة, فصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة.

ولكن الصحيح الذي عليه أهل العلم من الفقهاء والمفسرين وأهل الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على شهيد معركة أبدًا، لا في أحد ولا في غيرها من المعارك، وإنما كان يأمر بدفن الشهداء بثياب المعركة (دونما غسل أو صلاة).


(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٤٠.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>