أَنه قول يحمل كل معاني الحصافة والمرونة والاتزان مع إعلان الثقة والقدرة العسكرية.
فهذا الرد النبوي الكريم يضمن الرغبة الصادقة الأَكيدة في السلم وحقن الدماءِ، إلا أَنه في الوقت نفسه يتضمن التصريح بعدم الخوف من الحرب، بل الترحيب بها إذا ما فرضتها قريش الشرك على المسلمين وعلى نفسها، بغيًا وبطرًا، كما تضمن الرد النبوي إبلاغ قريش بأَن تزيل من مخيِّلتها (وإلى الأَبد) فكرة الأَمل في أَية تنازلات يعطيها النبي - صلى الله عليه وسلم - على حساب الإِخلال بجوهر دعوته, مهما كانت الظروف والأَحوال.
ولقد وعى بديل بن ورقاءَ ما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - بل وتأَثَّر به غاية التأَثر، وكان عمرو بن سالم الذي كان ضمن الوفد الخزاعي، أَحد الذين تأَثَّروا بما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - من دعوة صادقة إلى السلام إلى درجة أَنه كان يقول (وهو عائد مع بُدَيل وكأَنه يخاطب قريشًا): والله لا تُنصَرون على من يعرض هذا أبدًا (يعني العرض السلمي الذي كلَّف النبي - صلى الله عليه وسلم - بُدَيل بن ورقاءَ - ضمنًا - أَن يعرضه على قريش حين يلقاها.
[يطلبون مقاطعة الوفد الخزاعي]
وقبل أَن يصل ساعي السلام بُدَيل بن ورقاءَ ووفده إلى معسكر قريش في وادي (بَلْدح) حاول بعض المتطرفين من سادات قريش الشباب حمل قريش على مقاطعة وفد السلام لأَنهم أَدركوا سلفًا أَنه ما جاءَ إلا ساعيًا لإِحلال السلام والعمل على منع نشوب الحرب بين النبي