ولا لوم على أبي هريرة (كبشر) أن يصل به الخوف إلى تلك الدرجة من الذهول .. إن الإنسان عندما يقيس الموقف في "مؤتة" بالمقاييس العسكرية التقليدية. يأخذ العجب منه كل مأخذ: كيف يتورط ثلاثة آلاف مقاتل في مصادمة مائتى ألف مقاتل يفوقونهم في كل شيء مادى؟ .
لقد كان على كل جندى مسلم أن يقاتل في (مؤتة) سبعين من جنود الجيش الروماني.
لقد كان بوسع قادة الجيش الإسلامي الصغير أن يعودوا بالجيش إلى المدينة عند ما تلقوا وهم في (معان) تقارير استخباراتهم العسكرية عن الحشود الرومانية الهائلة تلك. ولو عادوا أدراجهم لما كان عليهم من لوم .. ولكنهم -مع استطاعتهم التراجع دونما قتال- قرروا الاصطدام بالجيش الروماني. فزحفوا حتى اصطدموا به.
[أكبر مغامرة حربية في التاريخ]
حقا إنها لأكبر مغامرة حربية في التاريخ "دونما جدال" تلك التي أقدم عليها قادة الجيش الإسلامي الصغير في "مؤتة".
ففي القوانين والأعراف العسكرية بين الأمم الأخرى يعتبر ما أقدم عليه قادة الجيش النبوى في "مؤتة" بالشام- ضربا من الانتحار. تعاقب عليه القوانين العسكرية.
فلو أقدم على ما أقدم عليه زيد بن حارثة وهيئة أركان حربه المسئولون في "مؤتة" قائد عسكرى في جيش نظامى في هذا العصر لقدم للمحاكمة العسكرية بتهمة تعريض جنوده لموت محقق. فثلاثة آلاف مقاتل لا تسمح القوانين العسكرية لمن يقودهم أن يواجه بهم مائتى ألف مقاتل. مع قدرته على تجنب هذه الواجهة.
ولكن الحال يختلف بالنسبة للمسلمين "ونعنى المسلمين الذين ينطلقون