للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الحقيقة المفزعة كما ذكره المقريزى الذي قال يصف الموقف الحرج؟ (فرأوا المشركين -يعني المسلمين- ومعهم ما لا قبل لهم به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب. قال أبو هريرة: وقد شهدت ذلك فبرق بصرى. فقال ثابت بن أقرم (١): يا أبا هريرة ما لك؟ . كأنك ترى جموعا كثيرة! ! قلت: نعم. قال: لم تشهدنا ببدر إننا لم ننصر بالكثرة (٢).


= طعن أعداء الله الحاقدون على الإسلام في أبي هريرة. وشككوا الناس في صحة أحاديثه. وتبعهم على ذلك المرضى بمركب النقص من المفتونين بهم العربي والتي (منذ قامت وأسست) وهي منبر للطعن في الإسلام والتشكيك فيه والحط من قدر رجاله (انظر العدد الأول والثاني من هذه المجلة المشبوهة).ولكن الطعن في أحاديث أبي هريرة. بل والطعن في الإسلام ذاته لا يمكن أن يكون ذا أثر فعال على جوهر هذا الدين ومسيرته الظافرة. فالإسلام رغم التجنى عليه والطعن فيه بأقلام ينتسب حاملوها إليه فإنه يشق طريقه بنفسه إلى القلوب التي يدخلها دون تبشير ولا مبشرين.
العودة إلى المنطلق:
كان أبو هريرة من العباد: أخرج أحمد في مسنده، أن أبا هريرة وامرأته وخادمه يقسمون الليل (لقيامه) أثلاثًا، يصلى هذا ثم يوقظ هذا. كان أبو هريرة من ولاة عمر بن الخطاب الموثوقين. فقد ولاه البحرين، وقدم المدينة ومعه عشرة آلاف درهم. فأجرى عمر التحقيق معه. وقال له: استأثرت بهذه الأموال. فمن أين لك؟ قال: خيل نتجت أو عطية تتابعت فتحرى الخليفة الفاروق ما قاله أبو هريرة فوجده صحيحًا. ثم دعاه الخليفة ليكون عاملًا له فأبى. فقال عمر: لقد طلب العمل من هو خير منك. قال أبو هريرة: إنه نبي الله ابن نبي الله، وأنا أبو هريرة بن أميمة، وأخشى ثلاثًا أن أقول بغير علم أو أقضى بغير حكم، ويضرب ظهرى ويشتم عرضى وينزع مالى. توفى أبو هريرة عام تسعة وخمسين وله من العمر ثمانون سنة.
(١) هو ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان البلوى (نسبة إلى بلى) حليف الأنصار. ذكره موسى بن عقبة في البدريين. أجمع أهل المغازي على أن ثابت بن أقرم استشهد في عهد الخليفة الصديق. قتله طليحة بن خويلد الأسدي أثناء فتنة ادعائه النبوة. قتله هو وعكاشة بن محصن. عندما كانا يقومان بالاستطلاع لخالد بن الوليد وهو زاحف بجيش الخلافة لخوض معركة بزاخة التاريخية مع حشود المرتدين التي جمعها طليحة بن خويلد. روى أن الخليفة الفاروق، قال لطليحة (بعد أن تاب وعاد إلى الإسلام) كيف أحبك وقد قتلت الصالحين، عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم؟ فقال طليحة: أكرمهما الله بيدى ولم يهنى بأيديهما.
(٢) إمتاع الأسماع ص ٣٤٧. وبرق -بفتح أوله وكسر ثانيه: دهش فلم يبصر وتحير فلم يطرق من فزع وحيرة. والكراع بضم الكاف كناية عن الخيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>