وقال عمر ورجال معه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله ألم تكن حدثتنا أنك ستدخل المسجد الحرام، وتأخذ مفتاح الكعبة وتعرّف مع المعرِّفين؟ وهَدْينا لم يصل إلى البيت ولا نحن! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قلت لكم في سفركم هذا؟ قال عمر: لا.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنكم ستدخلونه وآخذ مفتاح الكعبة، وأحلق رأسي ورؤوسكم ببطن مكة (١).
[حادثة أبي جندل المؤثرة]
وبينما كان المسلمون في حالة من الضيق والكرب يراجعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإعادة النظر في بنود الصلح التي اعتبروها ماسَّة بكرامتهم ومخيبة لآمالهم - كما صرَّح بذلك كبير معارضيهم عمر بن الخطاب أمام الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - وبينما كان النبي الحكيم الحليم يحاول تهدئتهم وإقناعهم بأن لا حيف ولا غمط في اتفاقية الصلح التي تم الوصول إليها بينه وبين سهيل بن عمرو، وبينما أخذ البعض من الصحابة في تفهم أبعاد هذه الاتفاقية ومدى مكاسبها بالنسبة للمعسكر الإسلامي ... إذا بحادث مؤثِّر يحدث فجأَة، يلهب الموقف من جديد ويضاعف من ألم المسلمين ويزيد من كربهم ويعمِّق في نفوسهم من الكره للصلح الذي كانوا في الأصل كارهين له. ومستعدِّين لإبطاله وعدم الالتزام به، لولا احترامهم الشديد المطلق لنبيّهم الذي رغب في هذا الصلح ووافق عليه.
(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٦٠٧ - ٦٠٩، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣١٨.