للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعندما انتھهى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومندوب قريش سهھيل بن عمرو، من المفاوضات التي انتهت بالاتفاق على بنود الصلح، ولم يبق سوى تسجيل وثائقه للتوقيع عليها، إذا بأحد الشباب المسلم من المضطهدين في مكة، يطلع على المسلمين يرسف في قيوده والسيف في يده طالبًا من المسلمين في الحديبية حق اللجوء ليفرّ بدينه من المناخ الشركي الخانق، وقد تمكن هذا الشاب المؤمن الصابر من الاحتماء بمعسكر المسلمين حيث وصل إلى حيث يجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الوفد القرشي المفاوض.

وقد زاد الأمر تعقيدًا، وكاد يؤدِّي إلى نسف اتفاقية الصلح والعودة بالأزمة الخطيرة إلى أشد مما كانت عليه قبل الاتفاق، هو أن هذا - الشاب اللاجيء المسلم، هو ابن رئيس وفد قريش المفاوض، سهيل بن عمرو، الذي لم يكد يرى ابنه المسلم (أبا جندل) حتى استشاط غضبًا، ونهض من مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في عصبية جاهلية - إلى ابنه الذي فرّ من سجنه بمكة، فضربه على وجهه، ثم أخذ يجرُّه بتلابيبه ويدفع به أمامه ليعيده إلى معسكر المشركين تمهيدًا لإعادته إلى سجنه بمكة.

وعندما اعتدى سهيل بن عمرو المشرك على ابنه المسلم بالضرب، وأخذ يدفعه بعنف لإعادته إلى المعتقل صاح أبو جَنْدل مستغيثًا بالمسلمين يا معشر المسلمين أَأُردّ إلى المشركين فيفتنونني في ديني (١)؟ .

فالتهبت عواطف المسلمين من جديد ضد اتفاقية الصلح، وساد الموقف توترًا جديدًا، كاد ينسف الاتفاقية، بعد أن تدخَّل المسلمون - لحماية أبي جندل المسلم من أبيه المشرك، إذ انتزعوه منه (على ما يظهر)


(١) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>