ضلت (مرة) ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذهب بعض الصحابة للبحث عنها فقال زيد بن اللصيت (وهو يهودى تظاهر بالإسلام) ساخرًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن نوبته .. يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدرى أين ناقته، يريد بذلك تصديع مراكز اليقين في نفوس الذين آمنوا بالله ورسوله.
ولما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال هذا اليهودى، قال .. إني قائلًا قال يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء، ولا يدرى أين ناقته؟ إن والله ما أعلم إلا ما علمنى الله، وقد دلنى الله عليها (١)، فهي في هذا الشعب، قد حبستها شجرة بزمامها فذهب رجال من المسلمين فوجدوها حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكما وصف، فجاءت نتيجة سخرية هذا اليهودى (المتظاهر بالإسلام) عكس ما يريد إذ ازداد الناس إيمانًا بصدق نبيهم - صلى الله عليه وسلم -.
[اليهود وصرف القبلة عن الشام]
وعندما صرفت القبلة عن الشام إلى مكة، استغل اليهود هذا
(١) انظر إلى أي مدى بلغ الأدب النبوى الرفيع في مناظرة هؤلاء المرجفين الضالين أنه صلى الله عليه وسلم لم يزمجر ولم يخرج عن حدود الوقار والاعتدال عند سماع هذا الطعن الصريح في صدق نبوته من هذا اليهودى الخبيث المتستر بالإسلام ولم يأمر باعتقاله أو سجنه بل لم يذكر اسمه حيث قال - صلى الله عليه وسلم - لدفع ذلك الطعن إن قائلا قال يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء الخ، ألا ما أعظم هذا الخلق النبوى الرفيع والأدب الذي دونه كل أدب وصدق الله العظيم إذ يقول في حق هذا النبي الكريم {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فإلى الشباب المسلم نسوق أمثال هذه الروائع من الأدب النبوى لتكون لهم نبراسًا في هذه الحياة يسيرون على هديه.