للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الواقدي: (المغازي ج ٢ ص ٥٩٢)، وكان الذي جاء بالهدية غلام منهم، فأَجلسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يديه، والغلام في بردة بلية، فقال: يا غلام، أَين تركت أَهلك؟ قال: تركتهم بضجنان وما والاه. فقال: كيفَ تركت البلاد؟ فقال الغلام: تركتها وقد تيسرت, قد أَمشر (١) عضاها، وأَغدق إذخزها (٢) وأَسلب ثمامها (٣) وأَبقل حمضها (٤) وانبلَّت الأَرض فتشبعت شاتها إلى الليل، وشبع بعيرها إلى الليل مما جمع من خوص وضمد الأَرض (٥) وبقل ... وتركت مياههم كثيرة تشرع فيها الماشية، وحاجة الماشية إلى الماء قليل لرطوبة الأَرض، فأَعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسانه، فأَمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكسوة للغلام، وقال الغلام: إني أُريد أَن أَمسّ يدك أَطلب بذلك البركة، فقال رسول الله: أَدن مني، فدنا فأخذ يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبّلهھا، ومسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأْسه وقال: بارك الله فيك فكان قد بلغ (الغلام) سنًّا، وكان له فضل وحال في قومه حتى توفي زمن الوليد بن عبد الملك اهـ.

النبي يبلع قريشًا نواياه السلمية رسميًّا:

وعندما استقر المقام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية، (ولما كان قد استبعد فكرة الحرب (أَساسًا) منذ خروجه من المدينة) بعث إلى قريش


(١) أمشر: خرج ورقه.
(٢) الإذخر، بكسر الهمزة: الحشيش الأخضر والحشيش طيب الريح (كذا قال في القاموس المحيط).
(٣) أسلب ثمامها: أي أخرج خوصها (كذا قال في النهاية لابن الأثير ج ٢ ص ١٧٣).
(٤) أبقل: أي نبت وظهر.
(٥) ضمد الأرض: رطبها (النهاية في غريب الحديث ج ٣ ص ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>