ما الخبر فأبلغهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيكون غداة ذلك اليوم في مر الظهران.
فعادوا أدراجهم إلى مكة مسرعين. وهناك أبلغوا سادات قريش ما رأوا من الخيل والسلاح الذي مع محمد بن مسلمة وبشير بن سعد ورجالهما الذين كانوا يقدمون النبي - صلى الله عليه وسلم - وباقي أصحابه كطليعة لهم.
ففزعت قريش لذلك فزعًا شديدًا وتسرب إلى أذهان قادتها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نقض صلح الحديبية حين قدم أمامه الأسلحة الكثيرة والفرسان المدججين. وأنه -لا شك- قد جاء لغزو قريش واحتلال مكة بقوة السلاح. والهدنة قائمة بين الفريقين. لذلك سارعت قريش إلى عقد اجتماع عاجل في دار الندوة لبحث ما تصورت أنه غزو اعتزم النبي - صلى الله عليه وسلم - القيام به ضدهم في فترة الهدنة القائمة بين الفريقين.
وبعد استعراض الوضع في دار الندوة قررت قريش التريث وأن تبعث أولًا بوفد منها لمقابلة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعرفة نواياه الحقيقية من جلب الفرسان المدججين بكامل أسلحتهم وهو في هدنة معهم ومجيئه للعمرة فقط قبل الهجرة.
[اجتماع وفد قريش بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في يأجج]
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وصل بأصحابه إلى مر الظهران (وادي فاطمة) ومن هناك قدم الخيل والسلاح إلى بطن ياجج بالقرب من أنصاب الحرم. ثم لحق وبقية أصحابه بهم. وهناك (في بطن يأجج) عسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه ومعهم كامل عدة الحرب من خيل وأسلحة.
وإلى حيث عسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه -وعددهم ألفان- في بطن وادي ياجج وصل الوفد القرشي المكون من عدة زعماء برئاسة مكرز بن حفص العامري الذي كان أحد أعضاء الوفد القرشي المفاوض مع سهيل بن عمرو في مفاوضات الحديبية.
ولدى اجتماع الوفد القرشي هذا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في وادي يأجج أعربوا له عن مخاوفهم واحتجوا على حمله الأسلحة ومجيئه بالخيل الكثيفة. وكيف يبيح لنفسه (كما تصوروا) أن يغزو مكة ويدخلها بكل هذه الأسلحة. وقريش لم يأت منها ما يخل بالعهد الذي أبرم في الحديبية بين الفريقين قبل عام؟ .