هذه العقيدة أو تلاشت بعد خير القرون- توالت عليهم النكبات والإهانات والمصائب ونزلت بهم الهزائم المخجلة، مع كثرة عددهم وتوفر عتادهم، وقلة عدد وعتاد عدوهم، فانقلب الوضع بالنسبة للمنتسبين إلى الإسلام نتيجة الخواء العقائدى الذي تعرضت له نفوسهم في الأعصر الأخيرة، فتخلفوا في كل شيء، وخاصة بعد أن استوردوا عقائد ومبادئ غريبة أحلوها محل عقيدة الإسلام .. والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
[أسباب هزيمة هوازن الساحقة بعد انتصارها]
مما لا جدال فيه أن قيادة هوازن قد رأسها شاب شجاع ألمعى أثبت منذ بداية المعركة حتى نهايتها أنه على مستوى ممتاز من الدراية العسكرية والخبرة بفنون القتال والسياسة الحربية والدقة في رسم الخطط واختيار المواقع.
أما الشجاعة، فقد رأينا منذ البداية كيف دعا قومه -وهو يلقى فيهم كلمة حماسية- إلى أن يكسروا جفون سيوفهم عند اللقاء، فكسر عشرون ألف مقاتل جفون سيوفهم ولقوا المسلمين بعشرين ألف سيف مصلتًا مكسور الجفن، كسر جفون السيوف، اتباعه علامة تدل على الشجاعة والتصميم على الاستماتة في القتال، ومن الناحية العملية فقد رأينا كيف ثبت مالك بن عوف في الميدان على رأس قبيلته الخاصة بني نصر وجالد المسلمين -رغم انهيار بقية عشائر هوازن- حتى كادت قبيلته (لثباتها بقيادته) أن تفنى عن آخرها.
أما الخبرة والدراية والسياسة العسكرية، فقد دلت تصرفات هذا القائد العجيب وهو يهيئ جيشه لمقاتلة المسلمين- وكأنه من خريجى المعاهد العسكرية الحديثة، فقد رأينا كيف حرص هذا القائد الشاب (بعد أن علم بخروج المسلمين من مكة) على أن يسبقهم إلى مكان التجويف الواسع من وادي حنين ويجعله معسكرًا لجيشه، لأنه (كما وصفه المعمِّر الخبير دريد بن الصمة) واسع وصلب غير رخو صالح لمجال الخيل التي هي سلاح الصاعقة في ذلك العصر ولدى هوازن منها يوم حنين الآلاف.
كما رأينا من شاب صغير لم يتخط الرابعة والعشرين من عمره، كيف