للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباس- أحسن الأَثر في تقوية روحهم المنهارة، وفي إثارة الشعور بالخجل من أنفسهم، حين أدركوا أنهم فروا وتركوا نبيهم والأحب إليهم من أنفسهم وأبنائهم وحيدًا في الميدان، فعطفوا راجعين، ثم تحوَّلوا إلى إعصار كاسح، عصف بهوازن وآلافها العشرين، حتى بعثروها بحنق وغيظ كما تبعثر العاصفة الورق اليابس.

فلولا سماع المنهزمين المسلمين صوت العباس يبلغهم ثبات نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ويناشدهم باسمه العودة إلى ميدان القتال، لكانت هزيمتهم هزيمة ساحقة كاملة، ولتطور انتصار هوازن من انتصار تعبوى محدود إلى انتصار سَوَقى شامل قد تبيد فيه هوازن أكثر القوات الإسلامية المنهزمة.

وهكذا فأساس انتصار المسلمين الساحق بعد هزيمتهم المروِّعة وسببه الرئيسى هو ثبات سيد الشجعان وأشرفي الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - وبتلك الشجاعة التي لا مثيل لها.

هـ- العقيدة .. مما لا جدال ولا خلاف بين خبراء الحروب، أن العقيدة للجندى في أية حرب يخوضها، هي أكبر مصدر لقوته المعنوية التي هي أولى وأهم أسلحة الجندى المحارب.

والمسلمون الحقيقيون. ومنذ سطع نور الإِسلام- وهم يجعلون الحفاظ على عقيدتهم في المقام الأول، ولعله من تحصيل الحاصل وتكرار القول، التصريح بأن عقيدة الإِسلام كانت في مقدمة العوامل التي حققت لقوات محمد - صلى الله عليه وسلم - النصر الكامل في حنين.

ولقد رأينا كيف انتصر المسلمون في حروبهم التاريخية بعقيدتهم على أعداء يتفوقون عليهم في كل شيء مادى .. انتصروا لا في العهد النبوي داخل الجزيرة فحسب، بل وخارجها .. انتصروا انتصارات لا يكاد العقل يصدقها، وذلك عندما كانوا يحملون عقيدة التوحيد الراسخة التي يعتقدون أن الموت في سبيل الدفاع عنها وحمايتها أسمى ما يتوق إليه المسلم الصادق .. هذه حقيقة أكدها واعترف بها الباحثون حتى من غير المسلمين.

ولا أدل على هذه الحقيقة من أن المسلمين -بعد أن ضعفت في نفوسهم

<<  <  ج: ص:  >  >>