للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مؤتمر المؤاخاة بين المسلمين]

وبعد أَن أَقام النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين (ببناء المسجد) مركز التجمع والتهذيب والتعارف والتآلف والارتباط، (عن طريق الصلوات) برب العالمين دونما وسيط أو شفيع، شرع - صلى الله عليه وسلم - بحكمته الفذة وسياسته الصائبة الحكيمة في محو مخلفات الجاهلية ومترسبات العصبية.

فقد كانت يثرب (كما قلنا) نهبا (طيلة مئات السنين) لحروب أهلية قبلية طاحنة أفنت زهرة شبابها ومزقت وحدتها شر ممزق، مما أعطى اليهود الدخلاء الفرصة للتمركز في تلك البقعة الطيبة من الجزيرة العربية.

فكان العمل الحاسم الحكيم الذي اجتث به النبي - صلى الله عليه وسلم - جذور البغضاء الجاهلية القديمة والحزازات العنصرية المزمنة المستحكمة بين قبيلتي الأَوس والخزرج، هو أَن آخى بين المسلمين جميعًا (المهاجرين والأَنصار) في مؤتمر أَقامه لهم في المدينة، آخى فيه بينهم، اثنين اثنين.

قال ابن إسحاق: وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه من المهاجرين والأَنصار، فقال - فيما بلغنا ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل - تآخوا في الله أَخوين أَخوين (١). فتآخوا جميعًا.

وقد كانت رابطة هذا التآخى أقوى وأكثر فعالية، في إقامة الموحدة السياسية والنظامية والمصيرية بين عناصر المجتمع الجديد من رابطة التحالف إلى عهدها العرب.


(١) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٥٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>