وبعد نجاح غزوة تبوك وبعد أن لف الإِسلام تحت جناحيه جميع أقاليم تجويف الجزيرة العربية، ولم يبق من يفكر في معارضة الإِسلام ومناوأة سلطانه أحد، شرع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يمكن تسميته تنظيم الواردات المالية للدولة، وذلك لمواجهة احتياجات هذه الدولة التي ستتزايد يومًا بعد يوم.
وقد كان القرآن الكريم قد نزل بفرضية الزكاة على المسلمين بصفة عامة، وجاءت السنة المحمدية فبينت للمسلمين صنوف الأموال التي تجب فيها الزكاة، وكم هو الحد الأدنى من كل صنف الذي تجب فيه الزكاة، والهدف من فرضية الزكاة مواجهة سد حاجات المحتاجين من المسلمين، الذين لا يقدرون على الكسب من معوق أو أعمى أو يتيم أو ذي عاهة إلى غير ذلك. وكانت الزكاة أول نظام عامل محكم فعال يوضع للضمان الاجتماعى منذ فجر التاريخ.
ولا حاجة بنا إلى شرح شروط وأركان الزكاة وتحديد مصارفها، ففي كتب الفقه المطولة والمبسطة ما يشفى غليل الذي يريد معرفة التفاصيل.
وقد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برسل وكتب إلى جميع نواحى جزيرة العرب يعلم الناس فيها الركن الهام هذا من الإِسلام وهو الزكاة. فسمع الناس وأطاعوا. وصار جامعو الزكاة أيما ذهبوا في الجزيرة لا يلقون أية صعوبات تذكر في جمع هذه الزكاة. في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[حجة الوداع]
وعندما أشرفت السنة العاشرة الهجرية على الانتهاء، شرع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التهيؤ للحج قال في تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤٨: وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يحج مقفله من تبوك، وذلك إثر فتح مكة بيسير، ثم ذكر أن بقايا