للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمونه ويحمله. فكان أبو بكرة إلى عمرو بن سعيد بن العاص وكان الأزرق إلى خالد بن سعيد، وكان وردان إلى إبان بن سعيد، وكان يحنس النبال إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يسار بن مالك، إلى سعد بن عبادة .. وإبراهيم بن جابر إلى أسيد بن الحضير، وأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرئوهم القرآن ويعلموهم السنن, فلما أسلمت ثقيف تكلمت أشرافهم في هؤلاء المعتقين، فيهم الحارث بن كلدة، يردّوهم في الرق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أولئك عتقاء الله، لا سبيل إليهم، وبلغ ذلك من أهل الطائف مشقة شديدة واغتاظوا على غلمانهم (١).

ولكن هيهات هيهات، فقد أصبح هؤلاء العتقاء، أبناء الإِسلام، وفي كنفه، وقد رباهم أشرف تربية، فأخرج منهم (بعد أن ساوى بينهم وبين مالكيهم في الحقوق) رجالًا كانوا مشاعل هداية ومصابيح إرشاد إلى دروب الخير، ومنهم أبو بكر الصحابي المحدث الشهير والزاهد المعروف في تاريخ الإِسلام.

[تصرفات سيد غطفان السيئة بالطائف]

ويذكر المؤرخون أن الأصمعي المطاع (وهذا لقب عيينة بن حصن الفزاري (٢) سيد غطفان) كان ضمن الجيش النبوي الذي تولى حصار الطائف. وكان عيينة قد أعلن إسلامه وشهد مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة. إلا أن الأحداث أثبتت (حسبما يروى المؤرخون) أن هذا السيد البدوى كان (وحتى حصار الطائف) من الذين أسلموا ولما يدخل الإِيمان في قلوبهم. وأنه إنما أعلن إسلامه وانضم إلى المسلمين، طمعًا (فقط) في أن يحصل على حظه من الغنائم والسبى، بعد أن تأكد لديه أن كفة المسلمين هي الراجحة، وأن لا أمل لمن يبقى على الشرك من العرب في التغلب عليهم.

ويؤيد ما ذكرنا أن الأحمق المطاع عيينة بن حصن هذا كان أحد قادة الفتنة العارمة عندما ارتد العرب في أواخر حياة الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوائل خلافة أبي بكر


(١) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٢٧ - ١٢٨ ومغازي الواقدي ج ٣ عن ٩٣١ - ٩٣٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤٧.
(٢) انظر ترجمة عيينة بن حصن هذا في كتابنا (غزوة بدر).

<<  <  ج: ص:  >  >>