الصديق. فقد خاض عيينة بن حصن الفزاري هذا، المعارك الطاحنة إلى جانب طليحة بن خويلد الأسدي ضد المسلمين في معركة بزاخة الحاسمة .. هذا الزعيم الغطفاني الذي تألفَّه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجعله ضمن هيئة أركان حربه لكونه سيدًا مطاعًا تتبعه عشرة آلاف رمح في نجد. فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح، وعيينة هذا عن يمينه والأقرع بن حابس سيد بني تميم عن شماله, عيينة هذا الذي أعطاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من غنائم حنين مائة من الإبل- تصرف أثناء حصار الطائف تصرفًا شائنًا إذ قام بدور الجاسوس ضد الإِسلام وجيشه الذي كان يفرض الحصار على الطائف، وأثبت أن ظاهره مع المسلمين وباطنه مع المشركين.
فقد جاء في كتب السير والمغازى، أن عيينة بن حصن هذا لما طال الحصار على الطائف دون جدوى، وعرف (كعنصر محارب في جيش الإِسلام) أن هذا الجيش لا يمكنه اقتحام معاقل الطائف لشدة تحصينها، استأذن من الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أن يفاوض ثقيفًا، متظاهرًا بأنه سيفاوض لصالح المسلمين، فقال: يا رسول الله ائذن لي حتى آتى حصن الطائف، فأكلمهم، فأذن له الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فجاءهم فقال: أأدنوا منكم وأنا آمن؟ قالوا: نعم، وعرفه أبو محجن. فقال: أن، فدنا ثم استأذن ثقيفًا في أن يدخل إليهم الحصن فأذنوا له.
فلما اجتمع بهم في الحصن (وبدلًا من أن يدعوهم إلى الإِسلام وينصحهم بالاستسلام) حثَّهُم على الاستمرار في مقاومة المسلمين شارحا لهم حقيقة ما عليه المسلمون من أنهم غير قادرين على الاستمرار في فرض الحصار عليهم. مظهرًا سروره واغتباطه بما أبدته ثقيف من مقاومة عنيدة جعلت الجيش الإِسلامي عاجزًا عن اختصار الحرب بفتح الحصن.
فقد قال عيينة لثقيف: فداءكم أبي وأمى، والله لقد سرّنى ما رأيت منكم، والله لو أن في العرب أحدًا غيركم، والله ما لاقى محمَّد مثلكم قط، ولقد مل المقام، فاثبتوا في حصنكم، فإن حصنكم حصين، وسلاحكم كثير، وماءكم واتن، لا تخافون قطعه. ثم خرج، فلما خرج قالت ثقيف لأبي محجن: فإنا كرهنا دخوله وخشينا أن يخبر محمدًا بخلل إن رآه فينا أو في حصننا. قال أبو